25 كانون الثاني 2008، في تمام الساعة العاشرة صباحًا في الحازمية، سيارة مفخّخة تحتوي على 50 كلغ من المتفجرات تودي بحياة النقيب وسام عيد الذي شاءت الأقدار أن ينتقل من العمل في الدوحة في مجال الاتصالات والمعلوماتيّة، إلى خدمة وطنه في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي لتطويرها. فكان بالنسبة إلى مسؤوليه الشخص الأنسب الذي يستطيع أن يحلّ أي مشكلة كانت تقع على عاتقه. فما الذي جعل مجموعة من الأشخاص يكرهونه؟ في الأساس، استطاع عيد بحسب خبرته العالية وذكائه الحادّ، فكّ خلايا إرهابيّة التي ارتكبت أو أرادت أن ترتكب عمليّات إرهابيّة في لبنان.
وبالتالي، استطاع كشف خلايا مخابراتيّة إسرائيليّة كانت تنفذ عمليّات متنوّعة على الأراضي اللبنانيّة. أمّا الإنجاز الأهم الذي سجّله فتجلّى حين استطاع الكشف عن أرقام الهواتف التي كانت تراقب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في كل تنقلاته، إلى أن نفذت اغتياله في شباط 2005. كما كشف شبكات عديدة أخرى مرتبطة بهذا الملف التي عُرِفَت بالحمراء والخضراء والزرقاء والصفراء والأرجوانيّة؛ كلّ منها كان لديها دور معيّن في عمليّة الاغتيال، وعُرضَت فيما بعد في المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان التي على أساسها اتهمت المحكمة أربعة كوادر من حزب الله بقتل الحريري، وصولًا إلى إدانة سليم عياش في آب 2020. أي باختصار، لم تنشأ المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان لولا جهود وسام عيد.
بعد عرض جميع "أعداء" وسام عيد، فمن انتقم منه؟ يجيب معظم الرأي العام على هذا السؤال بأنّ مَن اغتال الحريري هو ذاته الذي اغتال وسام عيد. اللافت في هذا الملف هو أنّ هذه الشبكات كانت مرتبطة بحزب الله، وعندما طُلب تسليم داتا الاتصالات رُفض طلبه.
ما أشبه الأمس باليوم، وما أشبه ما حصل بتهديدات المسؤول في حزب الله وفيق صفا لقاضي التحقيق في قضيّة انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار. حزب الله لم ولن يغيّر في ممارساته الترهيبيّة وكأنّ اللبنانيّين جميعًا سيقفون متفرّجين على احتلال البلد.
هنا لا يمكننا إلّا أن نقدّم تحيّة لكل عنصر ورتيب وضابط في القوى المسلّحة اللبنانيّة، آملين أن يصبحوا القوى الوحيدة التي تحمل السلاح في لبنان. ونسأل الله أن يقدّم لنا المزيد من وسام عيد ووسام الحسن وغيرهما ضبّاطًا نزهاء يحترمون الأنظمة والقوانين ومستعدّون أن يقدّموا أنفسهم في سبيل لبنان وشعبه.