وماذا بعد الكورونا؟
مجتمع MAY 06, 2020

بسبب الوضع الصّحّي العصيب الذي نمرّ به وتعذّر توزيع مجلّة آفاق الشّباب، إليكم تقرير "وماذا بعد كورونا؟"، من العدد ٨٩ من مجلّة آفاق الشّباب.

 

لم يكن الوضع الاقتصاديّ مستقرًّا قبل الكورونا. فقد تخطّت نسبة البطالة الـ٣٠%، وأجحفت السياسات الفاشلة في حقّ اللبنانيّين، عبر فرض الضرائب العشوائيّة عليهم، بذريعة تخفيض العجز المالي في الدولة. لعلّ المسؤولين نسوا أو تناسوا معاناة الشّعب اللبناني، ضاربين بعرض الحائط حالته المعيشيّة المزرية والفقر الذي يعيشه عددٌ مهمٌّ من المواطنين. وهكذا، انخفضت الاستثمارات وأقفلت بعض الشركات أبوابها صارفةً آلافًا من العمّال، وأصبح الغلاء المعيشيّ واقعًا مريرًا. وبالتّالي، تدهور الوضع الاقتصاديّ أكثر فأكثر، فضلًا عن أنّ الشعب اللبناني ذاق كمًّا كافيًا من الوعود الكاذبة، أجبرته على الانتفاض على واقعه المرير في ١٧ تشرين الأوّل ٢٠١٩، ضدّ فساد السلطة وطغيانها. ومع استمرار السلطة بالنّهج ذاته، تحوّلت الأزمة الاقتصادية إلى أزمةٍ ماليّة، وضُرب سعر صرف الليرة حتّى تخطّى الـ٤٠٠٠ ليرة للدولار الواحد.

 

خلال أزمة الكورونا:

أُكّدت أوّل حالة مُصابة بفيروس الكورونا في لبنان في ٢١ شباط ٢٠٢٠، بعد هبوط طائرةٍ إيرانيّة في مطار رفيق الحريري الدولي. وعلى الرغم من أنّ إيران هي إحدى الدول الموبوءة، إلّا أنّ بعض المعنيّين أصرّوا على استضافة الطائرة في الدار اللبناني، فاتكين بعرض الاستقرار الصحي الذي كان سائدًا. فبدأت الأعداد تتزايد منذ ذلك الحين، وظلّ المطار مُشرّع الأبواب من دون حسيبٍ أو رقيب لفترةٍ مهمّة بعد الأزمة، ممّا سمح بدخول مصابين آخرين وازداد الطين بلّة. بدأ عدد الحالات الجديدة بالتضاؤل بعد فترة، نتيجةً للالتزام الجيّد نسبيًّا. وكان للقوى الأمنيّة والحكومة اللبنانية الدور الأكبر في تحقيق ذلك، إثر بدء التفكير الصائب في كيفيّة تخطّي الأزمة بأقلّ ضررٍ ممكن. فإلى ماذا تصبو خطّتها؟

 

 خطة الحكومة للخروج من أزمة الكورونا:

أقرّت الحكومة خطّةً تتضمّن خمس مراحل للخروج من أزمة الكورونا، وهي:

١- المرحلة الأولى (٢٧ نيسان ٢٠٢٠):

- تسهيل أعمال القطاع الزراعي عبر السماح بالعمل لمربّي الحيوانات (المواشي والدواجن) ومصانع المنتوجات الزراعيّة والدواجن والبيض واللحوم ومصائد الأسماك ومحالّ المستلزمات الزراعية.

- السماح للقطاع الصناعي بمزاولة عمله، بالإضافة إلى فتح المؤسسات الخدماتيّة، كمؤسّسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء قاديشا ومؤسّسة مياه لبنان، والسماح للمطاعم والمحلات الصغيرة بمزاولة خدمات التوصيل (ديليفري).

- السماح لسيّارات الأجرة بمزاولة عملها بشروطٍ محدّدة.

٢- المرحلة الثانية (٤ أيّار ٢٠٢٠):

- إعادة فتح المطاعم والمقاهي على ألّا تستقبل أكثر من ٣٠% من قدرتها الإجماليّة.

- إعادة فتح ملاعب الأطفال وملاعب الرياضة الخارجيّة.

- إعادة فتح صالونات التصفيف.

- إعادة فتح كاراجات الميكانيك.

- إعادة فتح مصانع المنتجات البلاستيكيّة وصناعة المولدات.

٣- المرحلة الثالثة (١١ أيّار ٢٠٢٠):

- السماح للحضانات بمزاولة عملها عبر استقبال الأطفال دون الثّلاث سنوات.

- إعادة فتح مؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصّة.

- إعادة فتح كازينو لبنان ومحال ألعاب الميسر على ألّا تستقبل أكثر من ٧٠% من القدرة الاستيعابيّة.

- إعادة فتح وكالات السيارات.

٤- المرحلة الرابعة (٢٥ أيّار ٢٠٢٠):

- عودة تلاميذ صفوف الشّهادات الرسميّة إلى المدارس.

- عودة مزاولة التعليم في الجامعة اللبنانيّة.

- إعادة فتح مراكز التسوق.

٥- المرحلة الخامسة (٨ حزيران ٢٠٢٠):

- إعادة فتح روضات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وستّ سنوات.

- إعادة فتح مدارس التعليم الأساسي والثانويّات ومؤسّسات التعليم المهني.

- عودة حركة الملاحة الجويّة والبحريّة.

- السماح للحافلات بنقل الركاب.

- إعادة فتح دور العبادة.

- إعادة فتح مراكز التسلية على ألّا تستقبل أكثر من ٥٠% من قدرتها الاستيعابيّة.

- إعادة فتح الحانات والنوادي الليليّة والملاهي.

- إعادة فتح صالات الرياضة والمتاحف والمسارح والمسابح والشواطئ.

- إستئناف أعمال البناء.

هذه الخطّة، إن استؤنفت، لا بأس بها لاستئناف الحركة الطبيعيّة، إلّا أنّها قد تصطدم بكارثةٍ صعبة قد تُطيح بها أو تؤجّلها إلى مدى غير مسمّى، وذلك لأنّ أعداد الحالات المصابة غير مستقرّة حتّى اليوم. لكن، إنّ سلّمنا جدلًا أنّ الحكومة أطلقت خطّتها، فماذا نستنظر من بعدها؟

 

الوضع المُترقّب بعد الكورونا:

يُعتبر الخروج من المأزق الصحّي هذا من دون أضرار أو تداعيات، إنجازًا يُسجّل للحكومة. إنّما الاختبار الحقيقي هو ماذا يأتي بعده، وماذا سيحلّ باللبنانيّين. بات سعر صرف الليرة اليوم يتراوح حوالي الـ٤٠٠٠ للدولار الواحد. وبالتّالي، ازداد حجم التضخّم في البلد وأصبحت أسعار السّلع لا تطاق. فكرتونة البيض، على سبيل المثال، ارتفع سعرها من ٥٥٠٠ إلى ١١٠٠٠ ليرة، أيّ بات اللبناني يشتري كرتونةً واحدةً بسعر اثنتَيْن.

في الوقت ذاته، إنّ العمل متوقّفٌ في البلد، ويُتوقّع بعد انتهاء أزمة الكورونا أن ترتفع نسبة البطالة. نظرًا إلى كلّ تلك الأحداث، ستتباطئ حتمًا حركة العجلة الاقتصاديّة أكثر فأكثر، مما يُدخل لبنان في أزمةٍ اقتصاديّة غير مسبوقة، ودوّامةٍ يصعب الخروج منها. لذا يجب على الحكومة أن تتحرّك بسرعة لإيجاد خطّة إنقاذٍ اقتصاديّة فعّالة للنهوض بالاقتصاد اللبناني.

 

مصير الشباب اللبناني مجهولٌ اليوم. فمع معاناة قلّة فرص العمل وعدم توفّر سبل العيش الكريم لهم، قد يلجأ هؤلاء إلى الهجرة لتأمين لقمة العيش. ألن يخسر لبنان أكثر إن خسر شبابه المتعلّم؟ وإن تابعت الحكومة بسياساتها الإصلاحيّة التي لم تُسفر عن أيّة نتائج بعد، يجب ألّا تتفاجئ عندما يعود الشباب إلى الشارع مُشعلين نيران الثورة من جديد. وقد أعذر من أنذر!

 

مجتمع MAY 06, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد