نقلاً عن نشرة "آفاق الشباب" العدد 78:
دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة مفصلية جديدة بعد انتصارات ساحقة حققها التحالف الدولي في العراق وسوريا مدعوماً من قوات محلية ضد تنظيم «داعش»، بالتوازي مع تقدّم عسكري كبير للميليشيات الشيعية المتحالفة مع إيران في الدول ذاتها. بدأت القوى الإقليمية والدولية كافة تبحث في مرحلة ما بعد «داعش» وتدرس التوازنات في منطقة أشعلتها الحرب. لكن كيف يكون الوضع في الأيام المقبلة؟ وهل تتّجه المنطقة إلى حروب كبرى أم ثمة حلّ جذري للقضايا كلها؟
على رغم عدم رضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاتفاق النووي الذي توصل إليه سلفه باراك أوباما عام 2015 مع إيران، إلا أن سقوط الاتفاق نهائياً يبدو متعذراً حالياً لأسباب عدّة. تُظهر تحرّكات الكونغرس الأخيرة، تركيزاً أميركياً كبيراً في العمل على حصار الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في المنطقة وتحديداً في العراق وسوريا ولبنان. يناقش الكونغرس مشاريع قوانين كثيرة تجيز فرض عقوبات على تنظيمات وأفراد على صلة بهذه الجماعات من حيث التمويل أو التخطيط أو القيادة. وفي هذا السياق، طالب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون انسحاب الميليشيات «الإيرانية» من العراق فوراً.
من ناحية السعودية وحلفائها في المنطقة، يبدو أن مرحلة ما بعد «داعش» ليست كما قبلها. فالمواجهة مع إيران واحتواء قوّتها باتا أمرين حتميين خصوصاً بعد توسّع نفوذها أكثر في العراق بعد استفتاء الأكراد وسقوط كركوك في يدهم إضافة الى تقدّم قوات النظام في سوريا بدعم روسي - إيراني واضح.
وأتت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في إطار هذه الظروف الإقليمية المتوترة والمساعي الحثيثة لاحتواء نفوذ إيران في المنطقة على رغم عدم نضوج الخطة بعد كما يبدو. لن تقبل السعودية بأن يكون لبنان ساقطاً كليًّا في يد المحور الإيراني وممرًّا لمهاجمتها ومقرًّا لإعادة إحياء شرعية نظام الأسد. ما يزيد الاقتناع بهذه التكهنات هو إطلاق مسؤولين سعوديين تصاريح نارية وإعادة لبنان الى سلّم أولوياتهم الديبلوماسية بعد تعيين سفير للمملكة في بيروت بعد يوم من استقالة الحريري.
ويبقى السؤال، ماذا سيكون ردّ إيران وحلفائها على تزايد الضغوطات الأميركية بالإضافة الى الغضب السعودي الذي توج باستقالة رئيس الحكومة في لبنان، منهياً مساكنة هشًّة لم تدم أكثر من سنة؟