المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي محكمة جنائية ذات طابع دولي اقترحها مجلس الأمن وأقرّها للنظر في نتائج التحقيق باغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الشهيد رفيق الحريري. دعم تحالف 14 آذار هذه المحكمة بينما عارضها قوى 8 آذار.
وتُعدّ المحكمة هيئة قضائية مستقلة تضم قضاة لبنانيين ودوليين. وهي ليست جزءًا من النظام القضائي اللبناني، لكنها تحاكم الناس بموجب قانون العقوبات اللبناني، ولا تؤدي دورها كبعض الجهات القضائية اللبنانية التي تبني أحكامها وتصدرها على أساس جهات سياسيّة فاسدة. كما لا تعيش قاعدة التّعيينات فيها تحت وطأة الفساد والمحسوبيّات، بل على العكس تمامًا، فهي المحكمة النزيهة والأولى من نوعها في تناول الإرهاب بوصفه جريمة قائمة بذاتها.
الشهيد رفيق الحريري هو الرجل الذي طالته يد الغدر وسفكت دماءه واستشهد معه واحد وعشرون شخصًا بريئًا. فشكّلت المحكمة الدولية إنجازًا لثورة 14 آذار، إذ لو توّلت محكمة محليّة قضية الشهيد رفيق الحريري وشهداء 14 آذار الآخرين، لربما اختلفت الأمور وتم ترهيب القضاة وسلكت القضية مسارًا مختلفًا، لأن الطرف الآخر لا يريد محكمة من هذا النوع؛ والأصح قولًا إنّ هذا الطرف لا يريد أن تظهر الحقيقة! والأصح قولًا أيضًا إنّ استحقاق المحكمة هو استحقاق مفصلي وتأسيسي، وممّا لا شكّ فيه أن التعامل معه سيتمّ على الأسس المعروفة، أيّ ثمة فريق سيتبنى القرار ويؤكد مشروعية المحكمة، أما فريق آخر فسيذهب باتجاه تخوينه تحت عناوين إسرائيلية وأميركية وإمبريالية.
ولحزب القوّات اللبنانيّة نداء للدولة، وهو أنّ تتّخذ موقف أكثر حزمًا في هذه القضيّة. كما ينبغي عليها تنفيذ قرارات المحكمة الدولية كافة، وليس فقط تركها تستوي في أدراج القضاء. واليوم، تتجه الأنظار كافة نحو السابع من آب الجاري، نحو القرار النهائي المرتقب عن المحكمة الدولية، آملة بتحقيق العدالة في لبنان وتكريس مفهومها وإدانة المجرمين. كما نأمل بأن يتغيّر المشهد السياسي وأن تستفيق دولتنا من غيبوبتها، وأن تتعامل مع قرار المحكمة بموضوعيّة ونزاهة، وعدم التخفي خلف قناع المحسوبيّات واعتبار القرار مسيّسًا.
ستؤكد المحكمة الدولية بقرارها أن لبنان غير متروك لمصيره وقدره، كما ستشدّد على أن أي اغتيال من هذا النوع سيصل في نهاية المطاف إلى النتيجة المتوخاة، وسيطالب مجلس الأمن الحكومة اللبنانية بتسليم قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء 14 آذار.
هل سيتعظ لبنان في نهاية تلك الحقبة من سوء إدارة ملف السياسة الداخلية والخارجية ويلجأ إلى تطبيق الحياد عن صراعات الخارج والحياد عن استعمال السلاح في الداخل؟ سننتظر قرار المحكمة وحيثياته وآليته لنبني بالتالي على الشيء مقتضاه. لذا نؤكد تمسكنا بهذه المحكمة وثقتنا بها، لأن ما من مجتمع يقوم إلّا على مبدأ العدالة والحرية، ونحن أبناء الحرية والعدالة.