مارون كيروز: ما أقرته الحكومة لا يرتقي إلى مستوى خطة
مصلحة الطلاب MAY 21, 2020

أكد مدير مكتب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي في جنيف مارون كيروز أنّ “ما أقرته الحكومة لا يرتقي الى مستوى خطة لافتقادها للعناصر المكتملة المطلوبة في مستند من هذا النوع”.

 

ولفت كيروز في لقاء مع مصلحة الطلّاب في حزب القوّات اللبنانيّة بالتعاون مع جهاز التنشئة السياسية، عبر “فيسبوك” إلى أن “قبل خمسة أشهر تفاءلت بأن الوضع قابل للإنقاذ ويمكن من دون مساعدة الخارج أن يستقيم المسار في البلد. إنّما اليوم فالوضع لا يشجّع، فكان على الحكومة أن تتخذ سلسلة إجراءات سريعة لتثبت للمجتمع الدولي جديّتها في موضوع الإصلاح، لا سيّما وأنّ أكثر من 5000 وظيفة غير شرعية بـ”شحطة قلم” يمكن إلغاؤها، وقانون كابيتال كونترول الذي هو أبسط قانون ممكن القيام به في هذه الأزمة، وملف الأملاك البحرية التي تستلزم قرارات قضائية من الواجب تنفيذها، بالإضافة إلى إعادة النظر في سلسلة الرتب والرواتب التي شاركت في وصول الوضع إلى ما نحن عليه اليوم”.

 

وأضاف كيروز، “إجراءات سريعة من هذا النوع ستكون إشارة أساسية للمجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي بأنّ هذه الحكومة غير سابقاتها وأنّها جدية في الإصلاح. فكان من الممكن أن تحصل على مساعدات أو قروض عاجلة لمساعدة لبنان على تأمين شيء من الاستقرار المالي والنقدي ومكافحة ظاهرة التضخم المستفحل”.

 

أمّا بالنسبة إلى وضع الليرة، فرأى كيروز أن “من الصعب التكهن بمسارها، لكن من الواضح اليوم إن لم يحصل لبنان على قرض أو مساعدة طارئة من صندوق النقد أو جهات دوليّة أخرى، فسيكون الوضع صعبًا على البلد والليرة”، مشيرًا إلى أنّ “الإجراءات الأمنية التي نراها بحقّ صرافين أو مسؤولين اقتصاديّين أو ماليين تذكرنا بالأداء البوليسي في زمن الاحتلال السوري. كما لا يمكن أن يكون الحل للمشاكل الاقتصادية أمني أو بوليسي، لأنّ المطلوب اليوم اللجوء إلى الحلول الاقتصادية الجدية التي توصلنا فعلًا إلى تهدئة سعر صرف الليرة”. وتابع كلامه موضحًا أنّ “اليوم بغياب قانون الكابيتال كونترول، وما من سند قانوني لاستعادة الأموال المحوّلة إلى الخارج، لأنّ هذه تحويلات 100% قانونية ولا أحد يملك سلطة لاستردادها”.

 

وعن تحرير سعر الصرف، لفت كيروز إلى أنّ “هذا الحل يُعتبر ملائمًا ويجب القيام به على المدى البعيد. إذ تعتمد كل الاقتصادات المتطورة والشفافة على تحرير سعر الصرف، إنّما لا يجوز اللجوء إلى هذا الإجراء على المدى القصير وفي ذروة الأزمة الاقتصادية وعلى شفير الانهيار، لأنّ ترك سعر صرف الليرة يؤدي إلى تأثير سلبي جدًا على الطبقات العاملة. والوقت الآن هو المحافظة على الموجود وتجميد سعر الصرف والقيام بالإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لاستعادة الثقة بالليرة وبالاقتصاد الوطني”.

 

وقال، “تجميد الأسعار يُعدّ حلًّا موقتًا، لكن إحدى جذور المشكلة يكمن في القطاع العام المتورم والمتضخّم، ويجب إعادة تأهيله. وأيّ حل لا يطال ملف إصلاح الكهرباء ويعيد النظر في الرواتب والأجور في القطاع العام لا يكون حلًّا مستدامًا، وسنقع مجددًا في المشاكل. فالمطلوب أن يكون لدينا دولة جديّة توفر شبكة أمان للمواطنين لا سيما التعليم والطبابة المجانيين للجميع، وتنفذ برامج لمكافحة الفقر، وذلك انسجامًا مع المادة ج من مقدمة الدستور التي تنص بشكل واضح على معيار العدالة الاجتماعية في الاقتصاد”.

 

وعن مصير الشاب اللبناني، اعتبر أنّ “مصيره بيده بشكل أساسي، لكن بسبب الوضع في حالته المستمرّة، فإنّنا مقبلون على المزيد من الانهيار الاقتصادي والبطالة والفقر. تجدر الإشارة إلى بلدان كثيرة قد عانت هذا المسار وكان الاتكال على الشباب، لأنّهم أحدثوا تغيرات في بلدانهم في مسارات الأمور. لذا هذا هو المطلوب اليوم من كلّ شاب وصبية لتغيير مسار الأمور من خلال العمل الحزبي والنشاط السياسي”، مذكرًا أنّ “في 17 تشرين الأوّل 2019، قد يساهم ضغط الشارع في تغييرات جدية”.

 

ولفت كيروز إلى أنّ “المشكلة الأساسية في السياسات الاقتصادية في البلد تكمن في عدم انتظام الماليّة العامّة وفي إقرار سياسات اقتصادية في غياب البيانات الاقتصادية اللازمة.  فهناك شح في المؤشرات الاقتصادية الدقيقة التي تعتمد عليها الدول لتنفيذ السياسات أو تعديلها في لبنان ومنها مؤشر البطالة ومداخيل السياحة وتحويلات المغتربين ومؤشرات الفروقات الاجتماعية؛ وكلّ هذه المؤشرات أساسية اليوم لتحديد نتائج أيّ خطة مالية. لذا كان من واجب الخطة الاقتصادية التطرق إلى هذه المواضيع لمساعدة إدارة الإحصاء المركزي في تأمين كل المستلزمات لإجراء المسوحات المطلوبة، خاصةً لجهة تأمين استقلاليتها عن السلطة السياسية والتنفيذية”.

وشدّد على أنّ “من الضروري جدًا من الجيل الذي سيتحمل عبء دين 90 مليار دولار على لبنان، أن يكون ممثلًا في مراكز صناعة القرار في البلد لاتخاذ القرار المناسب في التعامل مع هذا الدّين”.

 

وأشار إلى أنّ من الصعب جدًا الإجابة على سؤال كيف يمكن مساعدة المجتمع، لكنّ الشباب هم العنصر الديناميكي لكلّ الأفكار الجديدة والخلاقة. فعلى مصلحة الطلّاب اليوم أو كل الشباب اللبناني خلق وعي عند الجيل الجديد لممارسة سياسة مغايرة عن الأجيال السابقة، لننتقل من سياسة ريعية إلى سياسة رعاية اجتماعية مبنية على مفاهيم ومبادئ اقتصادية صلبة”. ولا يمكننا القيام بأيّ إصلاحات اقتصادية من دون حماية الفئات الهشّة. وأي موضوع من دون ذلك لا يكون جديًا ويعرّض الشعب اللبناني إلى عملية إفقار من الصعب الخروج منها. لذلك أدعو أن تكون شبكات الأمان الاجتماعية في صلب أيّ خطة اقتصادية جديّة”.

 

ودعا كيروز الشباب إلى “اختيار عملهم واختصاصاتهم بالاتكال على شغفهم وحبهم لعمل محدّد”. لكنّه لفت إلى دراسة تفيد بأن 50% من الوظائف الموجودة ستختفي سنة 2035 بسبب أتمتة الاقتصاد”، مشيرًا إلى “ضرورة توجيه الطالب من صغره لاختيار مجال عمله”، ومشدّدًا على “أهمية المناهج التربوية وتحسينها ودور مصلحة الطلاب في هذا المجال”. وذكر بأنّ “دراسة للبنك الدولي السنة الماضية حول وضعية التعليم في العالم العربي، واحتلّ لبنان فيها ثاني دولة بعد مصر، تعتمد على “البلع والحفظ”، و60% من مناهجنا قائمة على هذا المنهج الذي لا يحضّر الطالب إلى المستقبل”.

 

وفيما يتعلّق بوباء كورونا وقرار بعض الشركات العالمية ببقاء موظفيها في البيت بعد انتهاء الوباء، فرأى كيروز أن “العالم كان في طريقه إلى هذا السيناريو، إنما كورونا سرّع عملية وجوده. فهذا السيناريو فيه الكثير من الحكمة لأنّ مكان العمل ولباس الموظفين وغيرها هي أمور ثانوية وأساس العمل هو القدرات المعرفيّة. ويُعدّ هذا الوضع مفيداً جدًا في بلد كلبنان حيث يعاني زحمة سير وانقطاع الكهرباء وغيرها من مشاكل البنى التحتيّة. كما يمكن لهذا السيناريو أن يسهّل العمل وإنتاجيته، لكن يجب أن يترافق مع ما يكفي من العمل المباشر ضمن الفرق لأنّ التعاون أساس النجاح”.

 

وعن تأثير كورونا في تغيير القوى الاقتصادية والسياسية في العالم، أشار كيروز إلى أنّ “قبل كورونا، اعتبرت الصين عملاقًا اقتصاديًا وفي سنة 2000 مثّلت 4% من اقتصاد العالم؛ إنّما اليوم أصبحت تمثّل 16% منه. ومن المتوقّع أن تصل من الآن حتّى 2035 إلى أكبر اقتصاد في العالم. لكن هذا لا يعني أن تحويل موازين القوى حاصل لا محالة، فلا يزال الدولار العملة الدولية والقوة العسكرية هي المعطى الأساسي للولايات المتحدة المتربعة على عرش هذه القوى بسبب ضخامة موازنتها العسكرية وقوة التكنولوجيا لديها. فمّما لا شك فيه أنّ الولايات المتحدة ستبقى متصدرة كأقوى قوة عسكرية إلا إذا حصل أي تغيّر جذري طارئ في العالم. والنتيجة المباشرة التي سنراها في السنتين المقبلتين هي انكماش كبير في معظم اقتصادات العالم وأغلبية الدول ستنغلق على نفسها، وبالتالي اتكال لبنان على المساعدات الخارجية سيكون أصعب. فلا يمكن للدول الخارجية أن تساعد بلدان لا تظهر جدية في الإصلاح، في حين أنّ اقتصادها بحاجة إلى المال من أجل تحفيز الاقتصاد وتنشيطه، وبالتالي الأولوية ستكون لداخل هذه البلدان وليس لخارجها”.

 

وقدّم شرحاً مختصراً عن المنتدى الاقتصادي العالمي، “وهي مؤسسة دولية تهتم بشكل أساسي بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحسين التنافسية الاقتصادية للبلدان وتحضيرهم للثورة الصناعية الرابعة”، موضحاً موقعه فيها ضمن مهمتين “أولاً، مسؤول عن العلاقات الحكومية مع سلسلة من الدول كالعراق والسعودية وإيران والعراق. وثانياً، مدير مكتب رئيس المنظمة”. ووصف الثورة الصناعية الرابعة بـ”التغيرات التكنولوجية السريعة جداً التي تجري تحولات جذرية في بنية الاقتصاد والمجتمعات، ويمكنها أن تؤدي الى فرص جديدة، كما مخاطر غير مسبوقة”.

 

وعن عمله الحزبي، فأوضح أنّه كان “ناشطاً في المدرسة الألمانية في جونيه وفي دائرة المدارس في مصلحة الطلّاب”. كما مارس نشاطه الحزبي في جامعة القديس يوسف. وأضاف “ربحنا في الانتخابات الطالبية لأول مرة سنة 2008-2009 وأصبحت رئيساً للهيئة الطالبية في كلية الاقتصاد، وحالياً إنّني ناشط في مركز “القوّات” في سويسرا وعلى تواصل كامل على مستوى الأجهزة والمصالح بالإضافة إلى القيادة الحزبية”. واعتبر أنّ “العمل الحزبي والدراسة أمران لا يتناقضان، وفي هذا الإطار وجه تحية لكلّ شخص استطاع أن يوفّق بين علمه ووظيفته ونشاطه الحزبي”.

 

وإجابة على السؤال حول المقولة الشعبية التي تعتبر أنّ النشاط الحزبي “ما بيطعمي خبز”، فقال إنّ “أيّ تطور وتغيير في مجتمع أو دولة لا يُبنى إلّا من خلال الأحزاب والنشاط السياسي”.

 

وأضاف قائلًا “نصيحتي للمسؤولين أن ينصتوا للذين لا يتكلمون كثيرًا؛ فلو حصل النقاش او اختلاف بالآراء فيجب أن تحلّ المحبة لتوصلنا إلى اتخاذ القرار كمجموعة.”

 

وتطرق كيروز إلى حقوق المرأة في لبنان مؤكدًا أن “هذا الموضوع استراتيجي ولا يمكن أن يغيب عن أي أجندة، كما يعتبر هدفًا استراتيجيًّا لمواجهة التطرف وإنصاف فئة كبيرة من المجتمع تعاني سلبيات الأزمة الاقتصاديّة، وهنّ أكثر من يتحمّلن تبعاتها. لذلك أدعو مصلحة الطلاب والحزب الذي كان رائدًا في هذا الموضوع، إلى مزيد من الريادة خاصة في ظل هذه الأزمة الخانقة”.

 

وأردف، “لا أتردد في العودة إلى لبنان في أيّ فرصة، لأنّني سافرت لأكتسب الخبرات ولبنان لنا ولن يكون لأيّ أحد آخر. والهدف هو العودة إلى لبنان للعمل فيه متى تسمح الظروف”.

مصلحة الطلاب MAY 21, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد