في حين استقبل المواطن اللبناني هذا العام بوتيرة المعاناة ذاتها ووسط جوٍّ لا يختلف عن أواخر سنة ٢٠١٩، يتذكّر المواطن بأيّة ظروف ودّع عام ٢٠١٩ التي كانت محور لثورة 17 تشرين. وما زالت هذه الثورة حتى أيامنا هذه، تخطف ذاكرة اللبناني وتسحبه بالتاريخ إلى اليوم الذي تجمّع في الساحات الملايين من اللبناني للمطالبة بحقوقهم التي ساهم شارل مالك بطرحها، كما العيش الكريم على كامل الأراضي اللبنانيّة، والحق الأساسيّ من مسكن وخدمات أساسيّة مؤمّنة في كافة البلدان، على عكس الحال في لبنان حيث يعاني اللبنانيون من شحّ في حقوقهم.
لأجل هذه الحقوق اندلعت ثورة ١٧ تشرين؛ فماذا حقّقت؟
حققت الثورة أكثر مما البعض قد يتوقّع، وقد ظهر ذلك في الانتخابات الطالبية في بعض الجامعات. صحيح أن المجتمع المدني فاز بعدد من المقاعد، لكنّ الفرق بان في التحالفات التي كانت تحصل على مستوى الأحزاب. فمن الواضح أن الاحزاب التي كانت تجمع عدد أصوات معيّن كتحالفات التيار الوطني الحر وحزب الله، لاقت حتفها بتراجع ملحوظ هذا العام. في حين بقيت مقاعد "القوات اللبنانيّة" بأعدادها الثابتة.
أمّا سياسياً فقد قالها رئيس حزب القوات اللبنانيّة في اجتماع له مع القوّاتيين، حين اعتبر أن الثورة أسقطت حزب كان متربّع على عرشه مخمّنًا أن لبنان دولة فقيه، أسقطته وطرحته أرضًا. وتابع: "الثورة أسقطت كذبة التيار الوطني الحر، الثورة أخافت السلطة الحاكمة حين تقرر تأليف الحكومات، إذ أصبحوا يخشون طرح أسماء سياسيين فيلجأون إلى تقنيين بخلفية سياسية أكيد". وعلى المستوى القضائيّ وبالنسبة إلى جعجع، "الثّورة أدت إلى فتح ملفات واستدعاء طبقة سياسية وعسكرية إلى التحقيق وهذا تقدم كبير، طبعاً ثمة ثغرات كبيرة لكن علينا الاستفادة من الإيجابيات ونحن "القوات" كنا محرّك الثورة الفعلي".
من جهّة أخرى، تغيّرت صورة الثورة التي عرفها اللبناني في ١٧ تشرين لتصبح ثورة إنسانيّة: ثورة طالبت بشنق المسؤولين وكل من له يد بما حدث في الرابع من آب. إذ فجّر انفجار المرفأ الحس اللبناني في كل مواطن، وعلى الرغم من انتشار وباء كورونا، إلا أن اللبنانيين تكاتفوا وطالبوا بتحقيق دولي لمعرفة الحقيقة. هذه الحقيقة التي مرّ حتى اليوم أربعة أشهر تطلّبت ثورة من رحم الشعب وساهمت في إعمار المدينة المدمّرة، لا سيّما مع ظهور عدد من المنظمات غير الحكوميّة لتقف بجانب الشعب اللبناني، كما قامت مؤسسة "Ground 0" التي أعادت بناء ٥٠٠ منزل والتي تثور من أجل مساعدة الناس بالمساعدات الغذائية والعمل من أجل رفع صوت المتضررين وأهالي الضحايا المطالبين بتحقيق دولي.
ويسألون بعد ماذا أحدثت الثورة؟