تعالت في الفترة الأخيرة أصوات اللبنانيين الرافضة للواقع الحالي المرير. فمعاناة الناس اليومية من فقر وبطالة وخوف على المصير، أصبحت على وشك تفجير أزمة اجتماعية ضخمة ستولّد غضبًا عارمًا في تاريخ لبنان، وستطيح عاجلًا أم آجلًا بكل من يتمسك بالكراسي على حساب الشعب وحقوقه والبلد واستقراره.
فللأزمة اللبنانية سببان ولا ثالث لهما: أولًا، قرّر فريق لبناني أن يسخّر كل شيء من أجل علّة وجوده وسلاحه وأدواره الإقليمية التي تبدأ من القتال في سوريا خدمة لنظام سفّاح ولا تنتهي من القتال إلى جانب الحوثيّين في اليمن وزعزعة أمن الخليج، غير آبه بنتائج كهذه على مصلحة لبنان ومواطنيه. هذا فضلًا عن حمايته للحدود البرية اللبنانية-السورية بغية تهريب المواد المدعومة من الدولة اللبنانيّة إلى الدولة السورية من مازوت وطحين خدمة لحلفائه، بينما إخوته اللبنانيون يصطفون يوميًا أمام الأفران طالبين ربطة خبز، وينامون على ضوء الشمعة بسب الشحّ في مادة المازوت.
ثانيًا، لم يبقَ الفساد محصورًا في مؤسّسة معيّنة بل قد نخر الدولة بأكملها، بسبب مسؤولين جنّدوا كامل قواهم بهدف تحقيق مصالحهم الشخصيّة على حساب تفعيل إنتاجية المؤسسات وخدمتها للجميع من دون تفرقة. فحملت هذه الطبقة السياسيّة الحاكمة المعروفة بفريق 8 آذار، لبنان بشكل أساسي منذ العام 2011 من بلد مستقر ومنتج إلى بلد عاجز عن تسديد ديونه الخارجية والداخلية. لذلك لا يمكن لسلاح غير شرعي إلّا أن يتحالف مع قوى فاسدة تغطي وضعيّته ودوره، فارضين على لبنان ثوب الفقر والبؤس والألم.
فالحلّ الوحيد للواقع القائم هو تخلّي هذا الفريق عن الحكم لأنّ اللحظة الحاسمة ستطيح بهذه المنظومة التي عرّت لبنان من محيطه العربي وحوّلته إلى واحة جوع. وما يحصل لن تتسامح معه الناس وهم اليوم موحدين، ويخطئ من يعتبر أنه يستطيع فرزها وضبطها سياسيًا وتحت عناوين سياسية. هم موّحدون تحت عنوان واحد بأن هذا فريق 8 آذار الذي يحكم، هو فريق فاشل وقاد لبنان إلى الانهيار والفشل والانكسار والفقر.
الشعب يمهل ولكنه لا يهمل. هذا الفريق يجب أن "يذهب إلى بيته"، فاستمراره كارثة على لبنان. هو عنوان للانهيار، عنوان لذلّ كل مواطن يريد البحث عن كرامته والعيش بكرامة وأمن واستقرار. وفي النهاية سيبقى لبنان بلدًا عربيًا منفتحًا على جميع دول العالم، له جيشه وشعبه وثورته التي ستصنع له تاريخًا غير قابل للتزوير.