خماسيّة كانت الصفعة. فالحلم الذي راود عشاق سوريا الأوفياء منذ بضعة أسابيع، بعودة ظروف الـ1990 وعزل اللقوات اللبنانية عن السلطة وإقصائها عن الحكم انتهى بصفعة خماسيّة، كما كل مشاريعهم الزائلة. لم يتعلّم المتآمرون عواقب التآمر على لبنان. هم لم يتعلّموا من التجربة العسكرية أيام الحرب، ولم يتعلّموا من التجربة القمعية أيام الإحتلال، وها هم اليوم يحاولون من جديد. كيف لهم أن يعزلوا لبنان ؟
حلفاً خماسياً ولد بسرعة ومات بسرعة. فبعيد وقوع الرئيس سعد الحريري في "إقامته الجبرية" و"سجن آل سعود"، تهافت المحبون لنجدته. فرأى اللبنانيون الحلفاء التاريخيين، السيد حسن نصرالله والرئيس ميشال عون يسهرون الليل ويعملون طيلة النهار ليعود الرئيس من منفاه، وطبعاُ كما العادة، القوات اللبنانية هي المرتكبة.
يكاد التاريخ يعيد نفسه. إنها من سخريات القدر، أن يعود حلفاء من اتهمونا بتفجيركنيسة سيدة النجاة، ليتهموننا بنصب الفخ لحليفنا الرئيس سعد الحريري. وبدأت بعدها المخططات للحلف الخماسيّ، ولعزل القوات اللبنانية انتخابياُ. اتصالات ولقائات واجتماعات: التيار الوطني الحر، حركة أمل، حزب الله، التقدمي الإشتراكي، وتيار المردة.
فما بعد الإنتخابات، حكومة جديدة. وحكومة دون القوات فيها، حلم المستثمرين في وزاراتهم. لذا كان المخطط بخوض الأنتخابات النيابية على أساس هذا الحلف، وتشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات لا تكون القوات اللبنانية فيها. فاللبنانيون رأو تأثير القوات اللبنانية على الأداء الحكومي ولو بثلاثة وزراء فقط. وخصومها في الحكم شهدوا على عناد وزرائها وتمسّكهم بمواقفهم الرافضة للفساد والدافعة نحو أداء حكومي شفاف ودقيق وناجح، كما يحصل في وزارات كل من الصحة، الشؤون الإجتماعية، والإعلام. فذهب كل الأفرقاء داخل الحكومة نحو خطة تخلّصهم من القوات داخل الحكومة؟
وحدها القوات بقيت ثابتة لا تتبدّل. وحدها القوات على خطها التاريخيّ، لا تلتقي مصالحها إلّا مع الوطنيين. تتبدّل مواقف الجميع، تدور الأحداث، وتتبدّل العناوين، تسقط التحالفات وتقوم تحالفات، وتبقى القوات اللبنانية، المقاومة اللبنانية اللتي لا تتبدّل. لذلك، مهما أحيكت المؤامرات، ومهما ذهب البعض بعيداً، تبقى القوات ثابتة، فيما يدور الجميع خلف مصالحهم.
هكذا، سقط الحلف الخماسيّ. فالمصالح المتقاربة، متضاربة. والوحدة ليست وطنية دون الوطنيين. فسقطت المؤامرة واكتظت معراب بالوفود من كل صوب. فالأصدقاء كما الخصوم يعلمون جيداً أن لا مستقبل للبنان دون القوات.
لن تخرج القوات اللبنانية من اللعبة السياسية. لن ينجح حلفاء الأسد بإقصاء القوات وعزلها. إن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، هكذا يقول الحكيم، وظروف الماضي لن تكون مؤاتية اليوم. ولبنان بخير طالما القوات بخير. فها هي معراب جامعة لكلّ المشاريع والمخططات الهادفة لمستقبل واعد لبلادنا، بالتنسيق مع كل من هو على استعداد لحمل هذا المشروع، مشروع لبنان الذي كتبناه بدمائنا، ويبقى مشروعنا إلى الأبد، ونبقى.