ارفعوا أيديكم عن لبنان
الموقف AUG 11, 2021

لقد مرّ لبنان بين القرنين العشرين والواحد والعشرين، بسبع مراحل: السلطنة العثمانيّة والثورة عليها، ودولة لبنان الكبير والانتداب الفرنسي من ثمّ الاستقلال مرورًا بالاحتلال الفلسطيني والحرب اللبنانيّة والإحتلال السوري وثورة الأرز، وصولًا إلى الاحتلال الإيراني غير المباشر. ولكلّ مرحلة أحداثها ورموزها. فهل سيعيش لبنان الراحة في حياته؟ هل ستبقى روحه مهدّدة بالقتل على يد الضواري البشريّة التي لا تريد إلّا دماره؟ فهذا التهديد قائم اليوم، لكنّ روح المقاومة التي تَنعَش في جسد لبنان لن تستكين إلى أن يتنفّس هذا الجسد المسكين الصعداء.


فاليوم شبح إيران يهدّد عبر حزب الله استقرار لبنان وسيادته وحرّيته، وذلك فداءً لولاية الفقيه ومحور "المقاومة". لكن مقاومة ماذا؟ هل مقاومة إسرائيل؟ أم مقاومة أي جماعة تقف في وجه تحقيق هذا الهدف الأسمى؟ على كل حال، يحاول حزب الله أن يمسك يد لبنان ليجرّه نحو إيران، ممسكًا بقيّة جسده ليحوّله إلى رهينة. فيسأل البعض كيف استطاع حزب الله أن يفعل ذلك؟ والجواب بسيط؛ في 6 آب 2021 أطلقت مجموعات من حزب الله صواريخ نحو إسرائيل ردًّا على قصفها بدورها على جنوب لبنان في 4 آب. فأين دولة لبنان من كلّ هذا؟ أين القرار اللبناني السيادي؟ الجواب تجدونه في 7 أيّار 2008. لكن المضحك المبكي أكثر، هو أنّ الجيش اللبناني أعلن توقيف أربع عناصر من حزب الله أطلقوا الصواريخ، إلى أن أُخلي سبيلهم بعد بضع ساعات بأمر من النيابة العامّة بسندات إقامة. 


أهل فهمتم أم بعد؟ إذا لا، فما رأيكم بـ7 أيّار 2008 حين رفض حزب الله القرار الحكومي المركزي ببسط سيادة الدولة على كافة الأراضي اللبنانيّة، وأعلن أمين عام حزب الله حسن نصرلله في 6 أيّار "هناك حرب بدأت، ومن واجبنا أن ندافع عن سلاحنا". فسقط مشروع الدولة في وجه مشروع الدويلة. 
يقول الديبلوماسي الأميركي توماس جيفرسن: "عندما يصبح الظلم قانونًا، المقاومة تصبح واجب". فمعادلة "جيش، شعب، مقاومة" أسقطت كل مفاهيم العدالة في لبنان. كيف يحق لمجموعة أن تمتلك السلاح غير الشرعي لتحقّق أهدافها؟ إذًا، المقاومة أصبحت واجبًا علينا كلبنانيّين فردًا فردًا. المطلوب واحد وهو موقف "القوات"، ليتّحد جميع اللبنانيّين في جبهة واحدة متضامنة في وجه السلاح غير الشرعي، لتُشكّل جبهة على نسق "الجبهة اللبنانيّة" التي حرّرت أجزاء من لبنان من الاحتلال. قد تختلف الآراء حول الطرق والوسائل، وهذا أمر طبيعي. فالوحدة ليست في الوسائل، إنّما بالأهداف. ويجب توحيد الأهداف حول بناء دولة قادرة قويّة بجيشها وقضائها وإدارتها. ليُطبَّق القرارين الدوليّين 1559 و1701 لحلّ الميليشيات الموجودة على أرض لبنان، وحينها فقط تتحقّق العدالة في لبنان. 


أهكذا تُبنى الأوطان؟ أتُبنى على سلاح لا يجرؤ إلّا القليلون الوقوف في وجهه خوفًا من التهديد بالقتل؟ أليس هذا ما يحدث في القضاء ولا سيّما في تحقيق تفجير مرفأ بيروت، عندما قال حسن نصرالله عن القاضيِيَن، السابق والحاضر، إنّهما يمارسان السياسة ولا العدالة؟ كيف يمكن أن تتحقق العدالة إذا كان هذا السلاح يهدّد مهد العدالة الذي هو القضاء؟ قال شارل ديغول مرّة: "إذا كان القضاء بخير، ففرنسا بخير". فهل لبنان اليوم بخير؟ بالطبع لا. 


يقول نصرالله في خطاب 7 آب 2021: "الهدف من العمليّة (أي ضرب إسرائيل في 6 آب)، كان تثبيت المعادلات القديمة القائمة التي أراد العدو حرقها من أجل حماية بلدنا". لكن يا حسن، من أنت لترد؟ من أنت لتحمي بلادنا؟ هل أنت رئيس الجمهوريّة؟ هل أنت قائد القوات المسلّحة اللبنانيّة؟ هل أنت رئيس المجلس الأعلى للدفاع؟ قد لا تكون شكليًّا، إنّما في الممارسة والوقائع فأنت كذلك، إذ سلبت السيادة من يد الدولة. نحن لا نريد حمايتك. لدينا الجيش اللبناني الذي نفتخر فيه. سلّم سلاحك لهذا الجيش إذا كنت فعلًا لبنانيًّا. لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟ فهذا السلاح إيرانيّ الهويّة والمصلحة، ولا مصلحة لإيران مقابل جيش ودولة قويّة في لبنان، والسلام.

الموقف AUG 11, 2021
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد