ككلّ استحقاق يدرس تكتل الجمهوريّة القوية خطواته بكلّ دقة واضعًا نصب عينيه هدفين أساسيّين لدولة المؤسسات وأولوية الإنسان، ليكونا الراكزتين اللّتين يقوم عليهما العمل التشريعي. بعيدًا عن المواقف الشعبويّة وعلى غرار التعامل مع الملفات الحكوميّة، درست الهيئة القانونية في "القوّات اللبنانيّة" تفاصيل كلّ بند وُضع على جدول أعمال الجلسة التشريعيّة، فرفعت ملاحظاتها إلى رئيس الحزب والتكتل الذي بدوره ناقش كلّ القوانين المطروحة. فقُسّمت الأدوار وأخذ كلّ نائب يدقّق مرّة تلو الأخرى في الملفات التي يتابعها وكان همّه الوحيد "تشريع ما يخدم الناس". وكلّ هذا من شأنه أن يؤكّد إيمان "القوّات" بالعمل المؤسساتيّ الذي يعزّز دور الدولة ويحصنّها، بالإضافة إلى التشريع لتلبية حاجات الناس.
وفي هذا الإطار وخلال الجلسة التشريعيّة الأسبوع الماضي، صوّت تكتل الجمهوريّة القويّة مع قانون تقصير ولاية المجلس، وذلك بعد أن طُرحت تساؤلات كبرى حول تمثيل المجلس انسجامًا مع تطلعات الثورة المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة. كما صوّت التكتل مع قانون زراعة القنّب المقدم من النائب أنطوان حبشي، ممّا سيؤدي إلى تشجيع الاستثمارات الخارجية والتعاون مع شركات كبرى على المستوى الدوليّ وتخفيف من احتكار التجار للمزارع. أيّد التكتل أيضًا رفع الحصانة عن الوزراء كي لا يكون أحد فوق القانون مهما علا شأنه، وكان من البديهي تأييد اقتراح قانون تشديد جرم التدخل في القضاء. ونحن كنّا، كـ"قوّات"، أوّل من قدّم قانون استقلالية القضاء وشفافيته عبر النائب جورج عقيص.
كما كان من الطبيعي لحزب القوّات اللبنانيّة المعروف بمحاربته للفساد، أن يؤيّد اقتراح القانون المعجل المكرّر لوقف الأشغال بسدّ بسري بعد كثرة الشكوك حول إدارة هذا المشروع، في حين أنّه يمكن استثمار الأموال المرصودة له بطريقة أفضل تخدم اللبنانيّين الذين يرزحون تحت الغلاء المعيشي. أخيرًا وليس آخرًا صوّت نواب "القوّات" على إنشاء نفق بين بيروت والبقاع ما يحقّق مطلبًا تاريخيًّا ويلبّي الحاجات الحيويّة في المنطقة، فضلًا عن اقتراح قانون تعديل المادة 61 من قانون الموظفين التي ترمي إلى رفع الحصانة عن الموظفين في الملاحقات القضائية.
أمّا من جهةٍ أخرى، فلم يؤيّد تكتل الجمهوريّة القويّة قانون العفو العام الذي وُضع من دون معايير واضحة وأسس موضوعية وقانونية. كما رفض تأييد قانون رفع السرية المصرفية المقنّع لأنّه يساعد على ضرب وجه لبنان الليبرالي ويرفع السريّة المصرفية عن كامل اللبنانيّين؛ أمّا المطلوب فهو معرفة حسابات من يتعاطى شأن العام ولا أحد سواه. كما أن التكتّل لم يؤيّد البتّ باتفاقية القرض بين وزارة الزراعة والبنك الدولي لأنّها تخصّص معظم الأموال المرصودة لأمور استشارية لا فائدة عملية منها.
أظهرت الجلسة التشريعيّة الصورة المؤسساتيّة لحزب "القوّات" ونوابه الملّمين بأعمالهم لأنّ دور النائب لا يقتصر على خوض انتخابات نيابية فقط، بل النائب مسؤولٌ عن الأمّة والتشريع والمحاسبة والمراقبة التي تصبّ في صلب اهتمام التكتل. كما أثبت حزب "القوّات" مرّة أخرى، في مجلس النواب كما في مجلس الوزراء، أنّه لا يتعاطى مع الأمور بكيدية سياسية؛ بل على العكس، يحاول في هذه الأيام المظلمة، أن يكون بارقة الأمل وخشبة الخلاص لشعب أصبح كلّ همه ألّا يموت جوعًا في عهد لُقب بالـ"قوي".