ها هو زيت المحاصصة يطفو على وجه ماء الشعارات؛ ماءٌ عكّرتها الممارسة منذ اليوم الأوّل. فقد عاد منطق تقاسم التعيينات إلى الملعب الحكومي وراح الوكلاء يتقاذفون كرة النار نيابةً عن الأصيلين حتّى لوّحت بعض الأطراف بتعليق مشاركتها الحكوميّة أو الاستقالة متناسيةً أنّ هشاشة الوضع الاقتصادي-الاجتماعي لا يمنح وقتاً بدلاً عن ضائع.
نصّت المادّة ٦٥ - الفقرة ٥ من الدستور اللبناني أن تعيين موظّفي الفئة الأولى (بمن فيهم نوّاب حاكم مصرف لبنان) بحاجة إلى موافقة ثلثي أعضاء الحكومة؛ إنّما يفترض إعمال القرار الحكومي رقم ١٢ لعام ٢٠١٠ الذي يعالج آليّة التعيين وسبله بانتظار صدور اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم من قبل رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان. لكن ها هم الطهاة الكثر متأهّبين يُعدّون في كواليس المطبخ الحكومي طبخة السمّ للكفاءة والمساواة تحت عباءة القانون. لكن حذاري! "فكثرة الطبّاخين سيفسد الطبخة" وسيكون طابخ السمّ آكله هذه المرّة وسيقضي على الزبائنيّة واستتباع إدارات الدولة للسياسيّين بالضربة القاضية.
يوماً بعد يوم، تُظهر الأحداث صواب موقف "القوّات" السّباق في دعوتها خلال اجتماع بعبدا الاقتصادي لتشكيل حكومةٍ انقاذ مستقلّةٍ مكوّنة من اختصاصيّين وذلك في 2 أيلول 2019. صحيحٌ أنّ البعض القليل من وزراء حكومة "الدياب" من أصحاب الاختصاص، لكن تقييد استقلاليّتهم جعل منهم أذرعًا لموكّليهم يخوضون حروب سياسيّة بالوكالة؛ فمن يأكل خبز السلطان يحارب بسيفه. وكما يقول المثل: "إذا بدّك تخرب بلاد، ادْعِ عليها بكتر الروس".
يمكن اختصار الحالة الراهنة بصراعٍ بين البحر والريح الذي عادةً ما تأتي ارتداداته على المركب، فكيف الحال إذا كان المركب في حالٍ يُرثى لها في الأساس؟