يحلّ اليوم العالمي للمرأة هذا العام قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابة المقرّر عقدها في الخامس عشر من أيار ٢٠٢٢، من دون أن تتمكن المرأة اللبنانية من انتزاع ما تعتبره أكثرية لا بأس بها من المواطنين لحقها بإقرار الكوتا النسائية في المجلس النيابي.
لكن وإن غاب ترشحها، لا بدّ من أن يكون حضورها فاعلًا، اقتراعًا كان أو التزامًا أو حزبيًا وسياسيًا أو مناطقيًا. وفي تفاصيل الحياة اليومية اللبنانية التي أثقلت هذا العام بالهموم الاقتصادية والأعباء المادية، وقفت المرأة الأم والزوجة والشقيقة إلى جانب عائلتها لتدعمها ولتمرّ الأزمة الاقتصادية أخف وطأة عليها. لذا تمكنت من إدارة حركة المنزل الاقتصادية، ووقفت في طوابير البنزين والمازوت وجالت على المحال التجارية لاختيار الغذاء الأفضل والأفور. كما ظلت المرأة العاملة هذا العام تكافح، لا بل زادت ساعات عملها ليزيد مدخولها فتخفف عن كاهل الزوج والابن والشقيق الأعباء الاقتصادية التي أضحت حملًا ثقيلًا على أبناء وطن الأرز. ووقفت نساء الوطن هذا العام أيضًا في مطاره الدولي ذارفة دمعة وداع على ابن شاب لم يحتضن هذا الوطن أحلامه، وكانت المرأة الصلبة والأم القوية وسنديانة المنزل وسند أبنائها في رحلة تحقيق أحلامهم.
كما لم يمنع دعم المرأة اللبنانية لأبنائها في تحقيق أحلامهم، من تحقيق أحلامها أيضًا لتتابع رحلة تألقها وتميزها على مستوى العالم العربي والعالم لتسجل اسمها بين أكثر ١٠٠ امرأة تأثيرًا في العالم على لائحة مجلة فوربيس الأميريكية التي رصدت سيّدات الأعمال الأكثر نفوذاً ونجاحاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام 2021؛ ومن بين تلك الأسماء ظهر اسم أليسار فرح أنطونيوس رئيسة مجموعة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والرئيسة التنفيذية في شركة سيتي جروب، وسامية بو عزة الرئيسة التنفيذية والعضو المنتدب في مجموعة مالتيبلاي التي تعمل في قطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى ريما عاصي وليلى حطيط لتثبت المرأة اللبنانية أن انهيار الوطن وإن كان قاسيًا لا يمكن أن يعني انهيار أبناء الوطن، لا بل طريق جلجلة يتعلمون منها ليلمعوا داخل الوطن وخارجه.
وعلى الرغم من تلك الصورة اللامعة للعديد من النساء خارج الوطن، إلّا أنّ العديد منهن يعانين بصمت داخل منازلهن من العنف الأسري الذي يأتي في معظم الأحيان على اليد الشريك الأخ أو الابن لتدفع العديد من النساء وبصمت، حياتهن ثمنًا لصمتهن عن عنف عائلتهم لهن. وبحسب هيئة الأمم المتحد للمرأة، أشارت التقديرات في 2018 إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء متزوّجات في لبنان تعرّضت إلى العنف وقد مارسه عليها أحد أقاربها الذكور. وعليه، ترتفع هذه النسبة بوتيرة سريعة، متفاقمةً بفعل الأزمات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في لبنان.
هي الأم والأخت والصديقة، هي الجانب الرقيق من حياة الرجل التي لا يستطيع الاستغناء عنها، هي المرأة القوية التي لها تأثير مميز في كل مكان سواء كنا في المنزل أو في العمل. فلتلك المرأة وفي يومها نقول لها عسى أن يكون كل يوم يومك لتبقي قوية من أجلك من أجل أحبائك، فمن تهز السرير بيمينها طبعًا ستهز العالم بيسارها. اقتصني حقك ولو بالقوة عند الحاجة، وارتقي واعشقي عندما تقسو الحياة على من حولك. فأنت الحياة ومصدرها. كل عام وأنت على الحق.