وسط ضجيج الطبول، تختنق أصوات الحريَّة؛ وفي صخب المواكب، تُطمس معالمُ الحقيقة! أتستغربون إذًا كيف اصطفَّ شباب حركة أمل أمام قناة الجديد مطالبين بالاعتذار من الإمام موسى الصدر بعد إساءة المحطَّة إليه؟ أتستغربون صيحات ذوي العضلات المفتولة متَّهمين تلفزيون الجديد بخرق الاتِّفاق الَّذي كان مُبرمًا معها والَّذي ينصُّ على ألَّا تتعرَّض المحطَّة لحركة أمل أو لأحد من قادتها؟
تكسيرٌ، شتائم، حرق وتخريب... هكذا، عبَّر شباب الحركة عن اعتراضهم عمَّا ورد في برنامج "دُمى كراسي" لشربل خليل والَّذي ذكر إسم الإمام المغيَّب أكثر من ٥ مرَّات. أمَّا المضحك المبكي فهو أنَّ، بعد الحديث مع أحد المعترضين، تبيَّن أنَّ معظمهم غير عالمين بمَّا ورد تحديدًا في البرنامج! وبعد حفلة الهرج والمرج، قدَّم المسؤول الإعلامي المركزي في حركة أمل طلال حاطوم شكوى ضدَّ قناة الجديد عند رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، ووعد هذا الأخير بالردِّ على هذا الموضوع في الوقت المناسب إذا لم يؤخذ أيُّ إجراء.
من جهة أخرى، أكَّد وزير الإعلام ملحم رياشي أنَّ حريَّة التَّعبير عن الرَّأي هي أمر مشروع في القانون الُّلبناني، وعادة الاعتداء على محطَّات التلفزة عند كلِّ استياء من برامجها مرفوضة جملةً وتفصيلا. كذلك، شدَّد على اتِّخاذه خطوات حاسمة في هذا المجال.
لطالما كانت حريَّة التَّعبير مشكلة لكلِّ ظالم أو جاهل أو مستبدّ. ولكنَّها كانت وستبقى شعلة أملٍ لكلِّ مظلوم ويائس! فالاختلاف في الآراء إن حصل، لا يعبَّر عنه بالتكسير والشَّتم والبصق. نحن تحت حرم الدَّولة وعلى كلِّ فرد منَّا احترام القوانين، لأنَّ عهد الوصايات وشريعة الغاب قد ولَّى. فلنحرِّر إذًا عقولنا من هذا الزمُّت، ولنكن على قدرٍ عالٍ من الوعي قبل إجراء أيِّ تصرّف.
أخيرًا، إنَّ دولتنا دولة سيِّدة، وحرَّة، ومستقلَّة! من المعيب أن نرى هكذا تصرُّفات عنفيَّة غير لائقة بحقِّ أيِّ مؤسَّسة إعلاميَّة، لأنَّ الحريَّة هي الحقّ في أن تعمل ما يبيحه القانون...
والسلام!