ثورة وطن
نحن جيلٌ كبِر وترعرع تحت جناح جيلٍ بطل. جيلٌ وُلد على صريخ المدافع وبكاء النساء وهمسات شهداء أبطال صمدوا لصمود الوطن وبذلوا أغلى ما يملكون للمحافظة على سيادته وحريته واستقلاله. أهلنا اليوم لا زالوا يحاربون لكن بطريقةٍ أخرى ولأهداف مختلفة. فهم صامدون لصمودنا ومستعدون لبذل أغلى ما يملكون للمحافظة على أحلامنا واعطائنا كل ما سرقته وحرمته منهم الأيّام. ولكن إلى متى سيبقون ساكتين وخائفين من إعادة الماضي؟ وهل حان الآن دورنا للمحاربة؟
هؤلاء الأهل الذين تعبوا من كثرة النضال وهموم الحياة. لا يمكننا القول إنّهم استسلموا أو رضخوا لكن انشغلوا عن هذا كلّه تربيتنا معوضين عنهم ما حرموا منه من رفاهية واستقرار وسلام. ولم يدروا أنّه وبالرغم من كلّ ما منحونا إيّاه ومن دون أن يدروا زرعوا في أعماقنا الرفض. الرفض لكلّ تسلطٍ أو خطأ أو استعباد. زرعوا في قلبنا أرزة ما إن كبرت حتّى شمخت محدثةً ثورة صادمة مخيبة كل أقوال الكبار: "إنّهم من جيل الانترنت وجيل الرفاهية". لم يعرف الكبار ما غرسوه في داخلنا من دون أن يدروا بأنّهم بذروا بذور الرفض، فجنوا ثمرة الثورة. ثورةٌ على كل ظالمٍ واقطاعي، ثورةٌ على جوع المواطن والأطفال وبكاء الأمّهات نتيجة هجرة أولادهنّ. استباحت حرياتنا من طبقةٍ فاسدةٍ همّها جمع الثروة من دون الالتفات إلى وضع المواطن أو مستقبل شبابه.
لكن هذه السلطة لم تفكر يومًا أنّها لا تستطيع أن تقمع طموح شبابه وثباته. لم تفكر يومًا أنّها لا تستطيع أن تجبره على الهجرة، بالعكس زرعت هذه الثورة في نفسه حبّه لهذه الأرض وتعلّقه بها ورفضه للهروب والالتجاء إلى بلدٍ آخر. كما فتحت أعين المغتربين بالعودة إلى لبنان والمشاركة في هذه الثورة والمحافظة على كل حبّةٍ من ترابه. نعم هذه الثورة هي ثورتنا، نحن الشباب والطلّاب والعاملون... وثورتنا نحن اللبنانيّون...