بسبب الوضع الصّحّي الأمني العصيب الذي فرضه فيروس كورونا، وتعذّر توزيع مجلّة آفاق الشّباب، إليكم تقرير "معضلة اليوروبوند في لبنان"، من العدد ٨٨ من مجلّة آفاق الشّباب.
ما هو اليوروبوند:
اليوروبوند هي إحدى أشكال السّندات، التي بدورها هي ورقة ماليّة إلكترونيّة، تُستعمل كوسيلة للإستدانة في الأسواق الماليّة بهدف تحقيق ربح للدّائن ودين للمستدين. ولكنّ الجدير بالذّكر أنّ لتلك السّندات نسبة خطورة متفاوتة بين سندٍ وآخر، بحسب السّمعة الماليّة للمستدين، وذلك خوفًا من عدم سداد الدين المتوجّب عليه. وبالتّالي فإنّ حكومات العالم تلجأ لتلك الوسيلة كإحدى سبل الإستدانة، فتسمّى بسندات الخزينة. لكن لتلك السّندات نوعين، فإمّا تُصدر بالعملة المحلّيّة فيكون الدًّين في هذه الحالة داخليّ، أو تُصدر بعملةٍ أجنبيّة فتسمّى باليوروبوند، مما يسمح لمستثمرين ماليّين وحكومات دول أخرى بشرائها. وتحسّبًا لأيّ خطأ في الفهم، اليوروبوند غير محصور بعملة اليورو، بل قد يصدر بأيّة عملة أجنبيّة.
الوضع الإقتصادي في لبنان قبل موعد سداد اليوروبوند:
وضع لبنان الإقتصاديّ متعثّرٌ منذ الأزمة السّورية، فقد تجاوز نموّه الإقتصاديّ ال١٠% بين عامي ٢٠٠٨ و ٢٠٠٩، وال٨% عام ٢٠١٠ بحسب البنك الدّوليّ. أمّا منذ العام ٢٠١١ حتّى اليوم، لم يسجّل النّموّ الإقتصاديّ أكثر من ٢%، حتّى أصبح النّموّ شبه معدوم عام ٢٠١٨ بنسبة لا تناهز ال٠،٢%. تابع لبنان في مساره الانحداريّ بغياب أيّ خطّةٍ عمليّة أو استراتيجيّة معيّنة لوضع لبنان على السّكة الصّحيحة مجدّدًا. وعلى الرّغم من كلّ ذلك، ظلّ لبنان يدفع مستحقّاته، وظلّ مصرف لبنان يقوم بهندساته الماليّة، محاولةً منه لتغطية الوضع الإقتصاديّ وإنقاذ القطاع المصرفيّ. إنّما ومع غياب أيّ شكلٍ من الرّقابة وتشعّب الفساد في الدّولة، ظلّ الإهتراء متفشّي في المؤسّسات كافّةً، ولم يوضع حدّ للعبة التّراضي والمحسوبيّات، إلى حين وصولنا لوضعنا الحاليّ، حيث انعدمت قدرة المصرف المركزيّ على تزويد السّوق بالدّولار، في ظلّ تضاؤل الإحتياطي المالي لمصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة، وغياب الثقة بالليرة اللبنانية. فازداد الطّلب على الدّولار متخطّيًا العرض، كما تضاءل الطلب على العملة الوطنيّة في ظلّ وفرةٍ كبيرة في سوق العرض. بهذا، تدهور سعر اللّيرة مقابل الدّولار، حتّى ناهز ال ٢٧٠٠ ليرة في بعض محلّات الصّيرفة، مع إبقاء المصرف المركزي على السّعر الرّسمي١٥١٥ ليرة لبنانيّة للدّولار لا غير.
تخلّف لبنان عن سداد اليوروبوند:
أما بعد، وفي ظلّ الوضع الإقتصادي المالي المتأزّم، وصل لبنان أمام مفصل مهمّ، ألا وهو اقتراب موعد سداد اليوروبوند الذي بلغت قيمته مليار ومئتي مليون دولار في ٩آذار. عُقدت إجتماعات مطوّلة للحكومة، فتقرّر بعدها أن يعلن رأيس الحكومة حسّان دياب يوم السّبت ٧ آذار تعذّر الحكومة عم سداد مستحقّات اليوروبوند للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، وإعادة هيكلة الدّين العام، أي التّفاوض مجدّدًا مع الجهات الدّائنة لإستحداث حلولٍ جذريّة وتحديد مواعيد جديدة للإستحقاق.
ماذا بعد؟
في ظلّ كل تلك المآسي التي تضرب لبنان، هل ستستطيع حكومة حسّان دياب أن تستنبط حلول للأزمة اللّبنانية، أم هل ينتظر الشّعب اللّبناني معجزة إلاهية؟ ويتساءلون لماذا شبّت الثّورة.