"أنا جبت 19 ع فحص الـmaths وإنت؟ آه، طلعت dispensé من فحوصات آخر السنة؟
سقطت صفك، معليه بسيطة hard luck. والله والله، اسمالله عليكِ الأولى ع 3 صفوف!
يلّا بشرفك بس تبلّش ساعة التربية جيّريلي devoir el français بدي انقلو. يا شباب بكرا الترويقة ع مين؟ شو نسيتوا عنّا تاريخ أول ساعة! بشرفكن قبل الفرصة حدا يخبّي الخريطة وكمان شريط الـHDMI تنضيّع وقت وتروح نصّ حصة الجغرافيا".
وغيرها من المشاغبات التي تبقى ملتحمة في ذاكرة التلاميذ حتى لفظ أنفاسهم الأخيرة.
"شو؟ pardon؟ عم تحكي سياسة بالمدرسة؟ بدك يشحطوك؟ وطّي صوتك هلأ بيسمعونا عم نحكي عن ضرورة المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، ومناكلها!"
نعم، كثيرًا من الديكتاتورية تحت عنوان الديموقراطية العريض الفارغ. ها إنّه الواقع المضحك المبكي، فما عاد يهمّ التلاميذ سوى العلامات للنجاح من دون الاكتراث لهدف المادة التعليمية الأساس أو لطموحاتهم أوّلًا. فباتت المدارس تسلط الضوء على مواد أكثر من أخرى كالعلوم والرياضيات وإنهاء البرنامج التعليمي قبل العطلة الصيفية، وكأنّ مَن يجلس على مقعده الدراسي أشبه بروبوت.
المنهج (1997 – ...)
الاعتراف كلّ الاعتراف أنّ المنهج الرسمي بحسب المرسوم رقم 10227 الذي أُصدر بتاريخ 8 أيّار 1997 غنيّ بمعطياته التي تتوافق إلى حدّ ما مع نمو التلميذ العقلي والنفسي في مختلف صفوف مرحلته الأكاديمية، إنّما يحتاج إلى تعديل على أصعدة عديدة لا سيّما وأن العالم يتطوّر.
ونسأل، أين المنهج الخفيّ من التربية المدرسية؟ أمسى يضمحلّ شيئًا فشيئًا، وما هو سوى مجموعة من المفاهيم والقيم والمبادئ والسلوكيات التي يدرّسها الأستاذ من غير تخطيط، بحيث تتمثّل في لبنان مبدئيًّا بتحضير التلميذ ليصبح مواطنًا صالحًا في المجتمع ويعمل في مؤسساته ويعيش تحت سقف القانون محترمًا بنوده.
"لا، السياسة مش عيب، السياسة مش خطية"
تُدَرَّس السياسة في دول العالم المتحضّرة في أوروبا والولايات المتحدة، وتحضّر التلميذ وهو في ربيع عمره ليتعلّم أصول القيادة والمحاسبة والمشاركة الفعّالة في الشأن العام.
وماذا عن الانتخابات الجامعية؟
في ظلّ نظامنا الديمقراطي الذي يسمح بحقّ تأسيس الأحزاب والانضمام إليها، كما حرية التعبير عن الرأي واحترام الرأي الآخر، ما رأيكم أن نتمتّع بتشرُّب المنهج الخفي والرسمي ومحاولة دمجهما لينجم عنهما تلاميذ لامعين يحلّقون عاليًا ويعملون تواضعًا في أحضان الحرية؟
والمشكلة الأساسية؟
بالطبع تكمن في العقلية اللبنانية المدرسية التي لا تزال تعتبر السياسة محرّمة، والأحزاب "للكبار"، والانتخابات "بلا معنى". فيعتقدون أنّ التعاطي في الشأن العام أمرٌ مضيع للوقت. بيد أن التربية على الشأن العام، أي الاهتمام بمفهومه تربويًّا وممارسته، هي ما ينقصنا اليوم في لبنان على صعيد التربية الوطنية والتنشئة المدنية.
أما الحل فهو ... تغيير النظام
في ظلّ وجود صعوبات جمّة في شقيّ التعليم والتعلم، لا بد من تغيير النظام التربوي الذي يتجلّى في بادئ الأمر من خلال تحديد الأستاذ للهدف الأساس من المادة التي يعلمها.
ومن الحلول الجذرية:
- تخصيص حصّة من حصص مادة التربية فقط لتناول موضوع الانتخابات على أنواعها: انتخابات مندوب الصف أو الانتخابات الجامعية والنيابية والبلدية والاختيارية.
يتعرّف التلاميذ على المصطلحات والتعابير المهمّة، بالإشارة إلى أهمية المشاركة البالغة في صنع القرار بتأدية المرشح والناخب لدوريهما.
فيما يخصّ انتخابات مندوب الصف، يتطلب تولّي هكذا مسؤولية جهدًا وعملًا متواصلًا بالتعاون مع الزملاء.
وما إن يدرك التلميذ أهمية الانتخابات واختبارها في مرحلة مبكرة، سيتمكّن من خوضها في مراحل متقدمة بأداء محترف وعلى أعلى المستويات.
- إعداد برنامج لتلاميذ المدارس يتخلّل عرضًا لوثائقيّ تاريخ الانتخابات الجامعية وأهمية المشاركة فيها عبر تحديد دور الناخب والمرشح والبرنامج الانتخابي الذي يصب في مصلحة طلّاب الجامعة وخدمتهم.
- الإنتقال من طريقة التلقين التقليدي إلى طريقة ورش العمل التفاعلية، بالإضافة إلى تعليم مهارات الإصغاء والتواصل وتطويرها، مثل لغة الجسد وفنّ الخطابة وإعداد مناظرات في مختلف المواضيع والقضايا الإنسانية والاجتماعية والسياسية على حدّ سواء.
بمجرّد أن يناقش التلميذ فينتقد ويدافع، يستطيع الأستاذ توسيع المعلومات وربط أحداث الماضي بالحاضر في حصّة التاريخ مثلًا وعن طريق الحوار. ونحن نأمل بإعداد كتاب تاريخ جديد غنيّ بأحداثه المتنوّعة والموضوعية، ليبقى التعليق والتعبير عن الرأي الحر للتلاميذ.
وهذه الخطوة هي مقاربة جديدة لفهم شؤون الدولة، وتبدأ بالمناقشة حول الأمور الحياتية اليومية والمشاكل التي يعانيها تلاميذ المدارس، من ثمّ الانتقال إلى مخصّصات شؤون الدولة عبر البحث عن حلول للملفات المختلفة التي تتولّاها الكتل النيابية والوزارية، وتقديم اقتراحات لتعديل القوانين أو طرح قانون جديد يُرفع إلى المجالس المعنية، مثالًا على ذلك ملف الكهرباء وقطاع الزراعة.
من هنا، تتجسّد أهمية تحضير التلاميذ للمشاركة كسائر المواطنين في شؤون الدولة ومؤسساتها. ما أحوجنا إلى هكذا تغيير يبدأ منذ الصغر فيتغلغل الانتماء الوطني في جسد ونفس وروح كل تلميذ - مواطن، لينتشر ويعبق عطره حرًّا في أرجاء لبنان والعالم.
"لأ، السياسة مش عيب... كيف بدنا نعرف نختار حكام جديرين بتحمل المسؤولية ونحنا ممنوعين بالبداية نختار مسؤول صفّ؟ إيه، بدنا نتعلّم عن صغر لنعرف نحكم عن كبر".