المشاركة في مؤتمر دمشق لعودة اللاجئين ساقطة
الموقف NOV 17, 2020

لا يمكن اليوم إنكار الواقع. إذ يمرّ لبنان بأصعب التجارب في أحلك الظروف داخلياً وإقليمياً ودولياً. كما لا يمكن الإنكار أن بالإضافة إلى الأزمة المالية والاقتصادية وجائحة البطالة والفقر وتفشي وباء كورونا، يعاني لبنان مشكلة اللاجئين على أراضيه. وعلى الرغم من تاريخ لبنان الذي كان ملجأ المظلومين والمضطهدين في أوقات الشدة، إلاّ أن هؤلاء اللاجئين أصبحوا يشكلون أعباء على الدولة في حين أن إمكانيّاتها وقدراتها تتراجع يومياً وبسرعة هائلة، حتى باتت غير قادرة على تلبية أقل احتياجات مواطنيها.

يحتاج لبنان إلى خلق فجوات في حائط أزماته المسدود لعلّه يستطيع التنفس. وتكمن هذه الفجوات في حلول عمليّة مبنيّة على استقراء منطقيّ لخفايا الأزمة ومسبّباتها ومن ثم حلّها. إنما وللأسف، لا يستغرب اليوم تصرّف قيادات البلد المخزي وذلك في آخر مسرحيّة حيث استغلّوا وضع لبنان المأزوم وضياع الرأي العام وانشغاله بحماية نفسه وتأمين عيشه، ليقوموا بخطوة أقل ما يقال عنها إنّها لامنطقية بهدف تسجيل نقاط سياسية. كيف لهذه السلطة أن تقنعنا بأن مشاركتها في مؤتمر دمشق لعودة اللاجئين تنبع من نية حقيقية لحل هذه الأزمة؟

لو كان هذا المؤتمر بحد ذاته ينذر ببوادر حل، لكانت شاركت الدول العربية المتموّلة التي من دونها لا يموَّل أي مشروع ولكانت شاركت الدول الأوروبية، ولا سيّما العظمى منها بالإضافة إلى الولايات المتحدة. حتى أن الأمم المتحدة تشارك فقط بصفة مراقب. فيفرغ غياب جميع هذه الدول الفاعلة والمؤثرة المؤتمر من مضمونه. وتأتي مشاركة لبنان في سياق مواجهة هذه الدول كافة إذ تشكل هذه المشاركة تغطية وتعويماً لنظام معزول عربياً ودولياً. من ثم أن هذه السلطة بفعل مشاركتها أعلنت صراحة وعلنياً انضمامها إلى محور الممانعة ضاربة بعرض الحائط مبدأ النأي بالنفس آخذة لبنان معها إلى متاهات دولية، في حين أن هذا الأخير في مرحلة أحوج ما يكون فيها الى الاستقرار والدعم الخارجي.

أما من ناحية سوريا، فلو كان للنظام الحالي نيّة جدّية لإعادة اللاجئين لكان أولاً دعا تركيا التي تأوي عدداً هائلاً من السوريين إلى المؤتمر. ثانياً، لكان ألغى الشروط التعسفية كافة التي تمنع العودة الطوعية لهؤلاء اللاجئين، ومنها التجنيد الإجباري والاعتقال التعسفي فضلاً عن التمييز في السكن والحصول على الأراضي والممتلكات. ثالثاً، تشير الدلائل كافة إلى أن هذا النظام المجرم الذي خلعه مواطنوه ونكروه لا يريدون العودة تحت حكمه. ومن الدلائل على ذلك أن مكتب شؤون اللاجئين في الائتلاف الوطني السوري ما زال يستمر في تسجيل حالات جديدة للنزوح والتهجير في سوريا بسبب الاعتداء المتكرّر من قبل النظام على المدنيين في مختلف المناطق. الأسوأ من ذلك أن هذا النظام هو شكلي غير فعلي بدلالة أن المؤتمر هو من تنظيم وزارة الدفاع الروسية. يعني هذا الأمر أن لا جدوة من مفاوضة نظام معزول لا يملك القرار ومرفوض من شعبه.

أخيراً وبعد عرض هذه المعطيات والحقائق، نرفض وبأشد الاستنكار هذه المشاركة الساقطة وغير المجدية. وبناءً عليه نؤكّد ضرورة إسقاط هذه السلطة الفاسدة لأنّها لا تراعي أوضاع المواطنين وترفض الاحتكام إلى العقل في تصرفاتها.

الموقف NOV 17, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد