كم كان رائعًا أن نری الُّلبنانيين موحَّدين في ساحة واحدة، يجمعهم هدفٌ واحدٌ ورؤيةٌ واحدةٌ تقضي بالعمل علی إنهاء الوصاية السُّوريَّة وتكريس الدِّيمقراطيَّة كفكرة وممارسة من خلال التَّظاهرات السِّلميَّة.
وكم كان فرحنا عظيمًا عندما شهدنا علی خروج القوافل السُّوريَّة من لبنان، وعودة الجنرال ميشال عون من المنفی، وخروج الدُّكتور سمير جعجع من السِّجن، نتيجةً لثورة لم تشهد المنطقة مثيلًا لها من قبل.
اليوم، وبعد مرور إحدی عشرة سنة، ماذا بقي من تلك القوی؟
تعرَّض تحالف "14 آذار" للعديد من الاهتزازات الخارجيَّة والدَّاخليَّة، كان أوَّلها خروج التيَّار الوطنيّ الحرّ من قوی "14 آذار" انضمامه الى التحالف مع أبرز قوى "8 آذار" سواء بشكل علني كـ"تيار المردة"، "الكتلة الشعبية"، "الطاشناق" والنائب ميشال المر، وبشكل خفي مع "حزب الله" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي".
مع تبدُّل الظروف، انقلب رئيس الحزب التقدُّمي الاشتراكيّ وليد جنبلاط علی مواقفه السَّابقة ضدَّ بشَّار الأسد، وسعی إلى إعادة توطيد العلاقة معه. قاطع بعدها حزب "الكتائب" اجتماعات الأمانة العامِّة لقوی "14 آذار" لفترة وجيزة بسبب الاختلاف حول أدائها. تبع ذلك انقلاب وزراء "8 آذار" علی رئيس الحكومة آنذاك، سعد الحريري، ما أدَّى إلى استقالته ومغادرته لبنان قسرًا.
جاء بعدها الملفُّ الرِّئاسيّ ليكون الضَّربة القاضية، إذ دعم الرَّئيس الحريري ترشيح سليمان فرنجيَّة، صديق الأسد، لرئاسة الجمهوريَّة. وبعد استئناف الحوار بين التيِّار والقوَّات، رشّح الدُّكتور جعجع خصمه الجنرال عون، علمًا أنَّ خطوة الحريري قد سرَّعت هذا التَّرشيح.
تتراود إلى أذهاننا أسئلة وتساؤلات عديدة: هل سيودي اختلاف زعماء "14 آذار" بثورة الأرز إلى الرُّكود؟ أم أنَّها مسيرة شعب ناضل وسيناضل من أجل حريَّته؟ هل أصبحنا بحاجة إلى انتفاضة جديدة؟ والسُّؤال الأهمّ يبقى: إلى متى سيبقى وطننا مرتبطًا بالمحاور الخارجيِّة؟
نترك للزمن مهمَّة الإجابة على هذه الأسئلة لأنَّه عوَّدنا على مفاجآت لم تكن في الحسبان!