إن السلاح هو مجرد وسيلة للدفاع عن النفس، إضطررنا إلى اللجوء إليه في زمن الحرب. إنما بالنسبة لفريق الثامن من آذار، و حزب الله تحديداً فللسلاح معنىً أخر ونكهة أخرى.
بل إنه غاية بحد ذاتها. وإن كنا قد إستخدمنا السلاح بغية الدفاع عن أنفسنا ووجودنا في يومٍ مضى، فحزب الله يستخدم نفسه ووجوده كل يوم دفاعاً عن سلاحه، غير آبه أننا في زمن السلم لا الحرب، فالإثنان عنده سيان.. من هنا نستطيع أن نقول أن الفارق بيننا وبينهم بسيط في ظاهره، عميق في باطنه ومعناه. فنحن ننشئ أطفالنا على ثقافة رصاص الأقلام، أما هم فينشئون أطفالهم على لا ثقافة رصاص البارود. المعادلة بسيطة، نحن لبنانيو الهوى والهوية، معمدين بدماء شهدائنا الزكية. أما هم فلا يؤمنون بلبنان الكيان حتى، و يفطرون كل يوم على رائحة الدم "الشهية". وبين السلاح و اللاسلاح، بين ثقافة الموت وثقافة الحياة، مجتمع برمّته يعاني.
خطف، قتل، إحتجاجات، إضرابات ومظاهرات. فقرٌ يهز البلاد، أدوية مزورة أطعمة فاسدة، أبقار مهربة غير ملقحة، كابتاغون، مازوت أحمر، و ظلمة في عز النهار. أما الدولة فمشغولة بنسج خيوط قانون إنتخابي يناسب أجساد كل الأطراف، لا بل يبرز مفاتنهم، ولكن إثارة من يبغون هؤلاء؟؟ ألا يرون أن نصف الشعب مات في أعماقه الإحساس، والنصف الآخر عمد حزم الحقائب؟!
لقد أصبحنا نعيش في وطن إجتاح كيانه السوس كما يجتاح أكياس الطحين البالية العفنة، وطن ضمائر البعض فيه قابلة للبيع والشراء على مذبح الوطن كعربة خضار تسير في الشوارع الضيقة باحثةّ عمن يشتريها قبل أن يصيبها "الإهتراء".. وأسفاه على وطن كثرت فيه الجياد وندر الفرسان.. وأسفاه