من سوريا الى لبنان: نظام متطرف وشعب معتدل سينتصر
الموقف MAY 24, 2012
في 16 تموز 1976 قال الرئيس الراحل حافظ الأسد أنه "دخل إلى لبنان دون أن يطلب الاذن من أحد". أما الآن، تدل التصريحات الخطيرة التي دعى فيها رفعت عيد الجيش السوري إلى الدخول إلى الشمال، بأن نجله بشار يفضل أن يغطي أي دخول محتمل لبنانياً. الخطير في هذا الأمر أن تبقى الحكومة اللبنانية صماء أمام تصريح يمس بالسيادة الوطنية والامن القومي.

الأخطر من ذلك، أن تصريحات العماد عون الأخيرة، الذي يركز فيها بشكلٍ مرضي وعنصري على ما يسميه هو "السلفيون في الشمال"، تؤكد ما كشفه كريم بقرادوني في كتاب "صدمة وصمود" بأن العماد عون عاد إلى لبنان سنة 2005 وفقاً لصفقة مع النظام السوري تقتضي منه أن يشوه صورة السنة في لبنان.وذلك يصب مباشرةً في مصلحة النظام السوري الذي يحدق بحافة الهاوية، فبدأ بتنفيذ تهديداته بحرق الشمال لتحقيق هدفين اساسيين: إظهار السنة على أنهم متطرفون وارهابيون للنيل من شرعية المعارضة الباسلة التي يفشل في القضاء على عزمها منذ 15 شهراً؛ وإضافة ورقة الاستقرار اللبناني إلى جعبته تحضيراً للمفاوضات الدولية على بقائه التي انطلقت جزئياً  البارحة في مؤتمر بغداد.

رداً على كلام عون، فلا مجال هنا للخوض في مختلف أطياف و"ألوان"  ما يشمله تحت تسمية "السلفيين"، بل تطرح ادعاءاته مجموعة من التساؤلات حول من هو المتحالف حقيقةً مع التطرف في شتى اشكاله في لبنان. فهل يمكن أن يقول لنا من هو حليف "المرابطون"، الذي يترأسه مصطفى حمدان؟ ومن هو حليف جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش) المعروفة بتزمتها في بيروت، والمدججة بالسلاح السوري المصدر؟ ومن هو حليف متطرفي المخيمات الفلسطينية من أمثال أحمد جبريل، الذي زار السيد نصرالله الأسبوع الماضي؟ هل يمكن أن يشرح لنا، لماذا تولى  حزب الله ممثلاً بالنائب نوار الساحلي الدفاع عن المتهم بالإرهاب عمر بكري فستق السلفي أيضاً، مما ادّى الى اخراجه من السجن؟هل يتراجع عن الكلام الذي ادلى به في شهادته أمام الكونجرس الأمريكي سنة 2003 (أي أنه تقدم به تحت القسم) بأن سوريا هي التي تصدر الارهاب إلى  المنطقة، وأن أي إعتقاد بأن النظام السوري يمكن الإتكال عليه لمحاربة الارهاب ينم عن "السذاجة"؟

والحقيقة هي أن القوات اللبنانية، حزب القضية اللبنانية بامتياز، لا يمكن إلا أن تتحالف مع قوى الاعتدال والتحرر، إن كان في الشارع السني (تيار المستقبل)، أو في الشارع الشيعي (اخصام حزب الله). أما عون، فسياسته القائمة على الحقد والتزوير (هل هناك حاجة للتذكير بال"شيخ الصندقلي"؟)، فلا يمكن إلا أن يتحالف مع التطرف الحاقد. والمؤسف أن تحالفه مع حزب الله، وفائض القوة لديه و-"وهج" سلاحه، يؤدي إلى تقوية التطرف في الشارع السني، على حساب الاعتدال المتمثل في تيار المستقبل، خاصةً بعد أحداث ٧ ايار، وفي ظل نأي الدولة بنفسها عن حماية مواطنيها. وتجدر الاشارة أن أول حزب في تاريخ لبنان الحديث طالب بحكم الاسلام كان حليف عون حزب الله سنة 1985 كما جاء في رسالته المفتوحة في جريدة السفير، مما فتح الباب أمام مطالبات مشابهة لباقي الأطراف.لكن على ما يبدو، فإن العماد عون يكيل بمكيالين، فبالنسبة إليه هناك بعض "اللحى" الخطيرة، فيما يعتبر أن "لحى" حلفائه هي دجينة.

أما حزب الله، فنتساءل إلى أي مدى قد يذهب لإنقاذ حليفيه النظام السوري والجمهورية الإسلامية في إيران؟ ألا يتعظ من وضع عرب الأحواز في إيران المجردين من أبسط حقوقهم، بالرغم من أنهم عرب شيعة تماماً مثل جمهوره؟ ألا يمكن أن يرى أن مصيره سوف يكون مشابه إذا بسط فعلياً الوالي الفقيه حكمه على أراضي العرب؟ وفي حال نجح اللبنانيون في درء نيران الفتنة التي يحاول أن يؤججها النظام السوري لتوظيفها وفقاً لمصالحه، فهل سيذهبالحزب بإتجاه إشعال الجبهة في الجنوب لتشتيت الأنظار عن الأوضاع في سوريا؟

وبما اننا يئسنا من دعوته إلى فك ارتباطاته الاقليمية، وأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان أولاً، قبل مصلحة حلفائه الاقليميين، ندعوه على الأقل أن يستعمل الملايين الوافدة من الجمهورية الإسلامية لبناء ملاجئ على أرض الجنوب، لحماية شعبنا، بدل أن يبني قصوراً فوق السحاب. إلا إذا كانت أمراض الفساد والمخدرات وتجارة السلاح صارت تمتص تلك الملايين قبل أن يتمكن من توظيفها لحماية جمهوره... أو أن السيد نصرالله لا زال يعتبر، كما قال في 27 قانون الثاني 1986، أن "عندما يصبح في لبنان مليونا جائع، فإن تكليفنا لا يكون بتأمين الخبز، بل بتوفير الحالة الجهادية [...]"؟؟؟
 
الموقف MAY 24, 2012
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد