عندما يحكي الجنوب "قصة تاريخ" لا يبقى لي سوى أن أنحني وأسجد أمام قضية أقل ما يقال عن رجالها أنهم عظماء، وأقل ما ينعت قائدها بأنه حكيم، وأجمل ما يقال عن قواتها أنها قوات لبنانية.
ساحات الجنوب تشهد على الصمت الذي خيّم على أهلها يوم حُلَّت المقاومة اللبنانية الشريفة على يد الدولة الأمنية والإستخباراتية. يومها بدأوا بزجّ رجالنا الواحد تلو الآخر في السجون. سبق ذلك محاولات لتشويه صورة وسمعة المقاومة المسيحية وأبطالها. لم يتغير شيئاً في ال2012، إذ أنهم لا يزالون حتى الآن يحاولون تحطيم صورتنا دعائياً وقمع تحركاتنا السلمية واغتيال رجالاتنا.
يقولون أننا "زعران"، يصفوننا بقطّاع طرق ومجرمي حرب وينعتوننا بالعملاء.
"عجباً عجباً إن قاومنا فنحن مجرمون وإن سالمنا فنحن متواطئون"!
أما أنت، فقد ألبسوك أبشع التهم. اقتادوك إلى المحاكمة مكبّل اليدين. هذه اليدين بنيت بها مبادئ الحق. بيد أن ذلك، لم يحبط عزيمة الشباب لا بل بقوا على العهد و كانت شعلة الأمل تتولد لديهم كل سنة في عيد المولود يسوع المسيح عنداستلامهم رسالة معايدة موقعة من "سمير وستريدا جعجع". مع أنكّ كنت ما زلت في خلف القضبان، فقد كان وإيمانهم بأنه سيأتي يوم يعود فيه لصاحب الحق حقه كبير! وكما تقول دوماً: "ما بصح إلا الصحيح".
عذراً يا منتصر حرب تموز! فقبل أن ترفع إصبعك عليك أن تعلم أن جنوبك يزخر برجالنا، وأن جذورالزيتون فيه ممتدة ومتصلة بجذور الأرز في معراب. من صيدا والزهراني وجزين والنبطية وصور وصولاً إلى مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل إلى كل "ضيعة بتصلّب إيدا عوجّا". كل بقعة مسيحية تلتصق شروشها أشد الإلتصاق بقضية مهما حاولوا صلبها على صليب النسيان ومهما تشاوفوا بقوة السلاح ومهما حفروا الحفر والخنادق لن يستطيعوا فصلها وزعزعتها.
إصعدوا إلى الجنوب وألقوا نظرة على قراه تعرفون أنه "تضجّ بنا المدن، تضيق بنا القرى، تمتلئ بنا الشوارع".
واليوم، تعاد إلينا ذكرى حل القوات اللبنانية. صحيحٌ أنهم أخذوا منا قوة السلاح لكن بعودتك يا قائد الحكمة عاودنا قوة الإيمان بأرض ما بخلت يوماً بالسنابل وبشعب ما رضي الذل والذمة وبراعي صالح ما ترك قطيعه.
من أرض الجنوب سلام لك يا أشرف الناس يا قائد القوات اللبنانية.