اذا كانت معركة رئاسة الجمهورية اساسية نظراً لما يمثله هذا الموقع من قيمة سياسية ومعنوية لدى المسيحيين، فان معركة القانون الانتخابي توازي باهميتها المعركة الرئاسية لاعادة المسيحيين الى السلطة وتمثيلهم بشكل صحيح. فمن البديهي ان يبدأ تصحيح هذا الخلل في التمثيل المسيحي من المجلس النيابي الذي يشكل اساسا" السلطات الأخرى.
وبعد انتهاء المعركة الرئاسية بانتصار مفهوم الدولة والمؤسسات على مفهوم التعطيل, حيث يعود الفضل الأكبر لـ"القوات اللبنانية"، ها نحن اليوم على قاب قوسين او اقل من انتصار جديد يتمثل بإقرار قانون انتخابي جديد يراعي صحة التمثيل الطائفي. وهنا نذّكر ان القانون الذي يبحث حالياً ويحظى بفرص كثيرة يستند بشكل كبير الى القانون الذي قدمته "القوات اللبنانية" الى جانب تيار "المستقبل" والحزب "التقدمي الإشتراكي".
هذا القانون يضمن للمسيحيين ايصال اكثر من 50 نائباً بأصواتهم من دون تأثير الأطراف الأخرى, بعد ان كان قانون الستين يضمن لهم 35 نائباً كحد أقصى. كما انه يتيح لهم التأثير لإيصال عدد لا يستهان به من النواب غير المسيحيين. وهكذا تكون المناصفة قد تحققت الى حد بعيد للمرة الأولى منذ اقرارها في اتفاق الطائف. كما ان مبدأ النسبية الذي سيتم اعتماده لاختيار 64 نائب سيضمن تمثيل جميع الأطراف السياسية وعدم الغاء اي طرف.
لكن المستغرب الآن هي الأصوات التي أبدت عدم تأييدها لهذا القانون الجديد. واذا دققنا من هي القوى السياسية المعارضة لهذا القانون، فنلاحظ ان أغلبيتها من الإقطاع السياسي الذي استفاد من القوانين المجحفة سابقاً وهو حالياً لا يناسبه قانون يؤمن تمثيلاً صحيحاً نظراً لضعف قاعدته الشعبية. هؤلاء أنفسهم اعتبروا المصالحة المسيحية محاولة الغاء لهم علماً أن نتائج هذه المصالحة ايجابية على كافة الأصعدة.
فقط لنتذكر ان بعض هؤلاء المدعين الدفاع عن حقوق المسيحيين قد ترشح وفاز عام 1992 بالرغم من المقاطعة المسيحية لهذه الانتخابات.
من هنا يتوضح لنا، كيف قبلت "القوات" التنازل عن حقيبة سيادية داخل حكومة لن تعيش سوى بضعة أشهر وسهّلت وسرّعت عملية التأليف, لأن هدفها الأساسي "قانون الإنتخاب" الذي بات الأمل بإقراره كبيراً جدأً، مع كل ما سينتجه من اعادة فرز للسلطة الحالية وتصحيح الخلل بالتمثيل المسيحي, بصرف النظر عن عدم تأييد بعض الإقطاعيين المتضررين له.