نشهد اليوم تغيراً ملحوظاً في مفهوم إدارة الوثائق نتيجة لتطور تكنولوجية المعلومات والإتصالات تزامناً مع الثورة المعلوماتية وتحول العالم إلى قرية كونية صغيرة. ظهرت رؤية جديدة لإدارة الأرشيف والمكتبات حيث تمكن العلماء من إسناد مفهوم موحد لهذا العلم الحديث على أنه عمليات تعريف، تحصيل، تخزين، إسترجاع ، نشر وتطبيق لرأس المال الفكري الظاهر والضمني لمنفعة أفضل لكل من الأفراد والسوق والمجتمع.
تبلورت رؤية جديدة للأرشيف على عدة مبادئ وقواعد أهمها وجوب إدارة الوثائق بإختلاف انواعها: مكتوبة، مرئية ومسموعة، حسب المراحل الثلاث التي تمر بها. مرحلة نشاط وإستخدام متواتر "الأرشيف الجاري"، مرحلة شبه نشاط "الأرشيف الوسيط"، ثم الحفظ الدائم لجزء منها والعناية به "الأرشيف النهائي"، وإتلاف البقية.
إن إدارة الأرشيف في أي مرحلة من مراحل عمره لا يمكن أن تعتمد على منحى تجريبي وعملي دون الإستناد إلى نظرية ومفاهيم ورؤى. وقد يخال للبعض أنها مجرد أعمال بسيطة تتمثل في ترتيب الوثائق وحفظها ويمكن تكليف موظف بسيط بإجرائها إلا أن الواقع أكثر تعقيداً من ذلك. فالمقولة المتداولة: "عامل تنظيف الغبار". فالأمر يتعلق بمضمون ومحتوى وبسير أجهزة وبمعرفة حاجياتها وبذاكرة مجتمع فوجب إنتقاء ما يصلح من الوثائق لتوثيق حاجياته.
لا ينجز أخصائي المعلومات مهامه إلا حين تتوفر في المعلومات التي استقاها الخصائص التالية: إكتساب معلومات من مصادر موثوقة، تخزين المعرفة بعد تحليلها وتصنيفها وهي تتمثل في معرفة محتوى الوثائق وضبط مواضيعها وأختيار الكلمات- الموضوع. وأخيراً تداول هذه المعلومات بسهولة ونشرها واسترجاعها بدقة.
تعتبر عملية التوثيق والعمليات المرتبطة بها إحدى الركائز الأساسية لأي عمل تنظيمي وذلك لشدة ارتباطها المباشر بكل العمليات الإدارية على كافة المستويات. وهذا ما يفرض واقع جديد في سوق العمل رغم التحديات الكثيرة والظروف الإجتماعية والتدهور الإقتصادي الذي يشهده العالم بشكلٍ عام ولبنان بشكلٍ خاص، والسباق الذي يشهده الطالب في البحث عن عمل إلا أن الواقع الجديد خلق فرص عمل كثيرة وملزمة لإستكمال الأعمال "المكتبية اليومية". لذلك نشهد في ظل عمليات الصرف التعسفي للعمال في أقسام معينة، تعيين اخصائي للمعلومات. إن إدارة المعلومات أصبحت قسماً مفصلياً وضرورياً في الهياكل المؤسساتية على مختلف انواعها.
من هنا تنطوي ضمن بيئة إدارة المعلومات المجالات التالية، والتي تغطي كافة أنواع المعلومات المتداولة في أي منشأة: إدارة المحتوى، إدارة المعرفة knowledge managment، إدارة ألسجلات والأرشفة، إدارة أتمتة الأعمال،
…..Business process management
يجد خريجوا إختصاص إدارة المعلومات والمكتبات والارشفة سوق عمل واسع. وهو في تزايد مع تطور التكنولوجيا والإلكترونيات.
وذلك بسبب عدد الطلاب الذين يتوجهون إلى هذه الإختصاصات خجولاً رغم حصول أغلبية المتخرجين على وظائف وهم على مقاعد الدراسة.
نستطيع أن نستخلص مما سبق ذكره أن رؤية مستقبلية جديدة ترسم لأخصائي المعلومات. فإن هناك إتجاهاً جديداً بتغيير إسم أمين المكتبة الذي يرتبط بإسم المبنى إلى مصطلح جديد cybarian. وهو ذلك الشخص الذي لا تحده أي جدران انما يعمل بحرية وإستقلالية.
إن صورة المكتبي تغيرت بسبب طبيعة اعماله ومهامه الجديدة وهذا من خلال مواكبة التطور كمستشارين للمعلومات، وموجهين نحو المصادر الإلكترونية وسبل البحث فيها.
إدارة المعلومات ليست بعلم ثابت وإنما علم يتبدل ويتطور مع تطور المعرفة ووسائل نقلها.
إذاً لا حدود وافاق للارشفة...