الشهادة المسيحية، عمرها ألآف السنين وليست بفكر معاصر أو جديد. الإستشهاد المسيحي أبصر النور مع قطع رأس يوحنا المعمدان ومع سيدنا يسوع المسيح الذي ضحى بنفسه على الصليب من أجل خلاصنا. اعتاد الشعب المسيحي على مر الزمان الشهادة، دفاعا عن الأرض، الكنائس والعرض خصوصا في الشرق، وكان وما زال هذا الشعب مصرّ على رفع الصليب على قمم الجبال.
أما لبنانيا،
كان الشعب المسيحي من أعند وأقوى الأطراف تمسكا بالأرض، فهذا الأمر لم يعجب أبدا المنظمات الفلسطينية المتشددة المطرودة من فلسطين وحليفها النظام الأسدي، فقرروا الغائنا وكانت البداية مع بوسطة عين الرمانة في 13 نيسان 1975 عندما هاجمت المنظمات الفلسطينية حزب الكتائب اللبنانية وكانت هذه المعركة الشرارة الأولة للحرب اللبنانية بالإضافة الى مجزرة الدامور سنة 1976 التي كانت حصيلتها أكثر من 582 شهيدا مسيحيا.
فكانت القوات اللبنانية التي اسسها الشيخ بشير الجميل للوقوف والدفاع عن القضية المسيحية أمام جحافل الأسد والفلسطينيين. ومن أهم المعارك: معركة الأشرفية سنة 1978 المعروفة بحرب المئة يوم، التي أجبرت جيش الأسد على الإنسحاب مندحراً، معركة زحلة 1981، وبفضل صمود عناصر القوات اللبنانية لم يتمكن جيش الأسد من التقدم شبر واحد الى قلب زحلة بالأضافة الى معارك عديدة في عيون السيمان ومنطقة قنات الشمالية وغيرها.
استشهد القائد المؤسس فخامة الرئيس بشير الجميل في 14 ايلول 1983 بعد 21 يوما فقط من انتخابه رئيسا للجمهورية والشرعية اللبنانية كما استشهد معه العديد من الرفاق. لم تكن يوما المقوامة المسيحيية اللبنانية أنانية بل ساندت قائد الجيش سابقا العماد ميشال عون فيحرب التحرير ضد قوات الأسد وقدمت له المساعدة العسكرية والمعنوية والشهداء، ولأن رئاسة الجمهورية كانت حلم مستحيل للجنرال الهارب وبطلب من حافظ الأسد قرر شن حرب الإلغاء على القوات اللبنانية ضاربا المناطق المسيحية المحررة وموقعا المئات من الشهداء متوهما بوصوله للرئاسة.
قدمت القوات اللبنانية على مذبح الوطن أكثر من 15000 شهيد ومئات المعتقلين في السجون السورية كما ضحى قائدها الدكتور سمير جعجع بنفسه سجينا تاركا زوجته وأهله حيث فضل النظارة على الوزارة. وبعد سجن الحكيم لم يرحم النظام السوري شباب القوات اللبنانية فقافلة الشهداء استمرت باستشهاد الرفيق رمزي عيراني رئيس مصلحة الطلاب سابقا والرفيق بيار بولس، وفي زمن السلم كان لمصلحة الطلاب أيضاً وسام الشهادة بإستشهاد الرفيق طوني ضوّ.
وفي هذه المناسبة أكبر تحية من القلب لأمهات الشهداء ونقول لهم كما أوصانا الشهداء بعدم البكاء لأن ذاك العويل يزعجهم. أما انتم يا ملائكتنا الأبرار، ناموا قريرين العين ولا تخافوا لأن شهادتكم أمانة.