بدأ نضالنا، منذ الطفولة، يوم استيقظنا على خبر استشهاد الرفيق المهندس رمزي عيراني. استفسرنا ببراءة تلك الطفولة عن سبب اغتيال يد الغدر رمزي، عندها انغرست في ضمائرنا قضية وطنية لنكبر عليها ونناضل من أجلها... قضية الوجود، الحرية والاستقلال.
رمزي اسم يختصر نفسه، انّه رمز النضال والاستشهاد، انّه للعنفوان عنوان وسياج للاستبداد والذّل.
في زمن الاحتلال السوري للسيادة الوطنية والسياسية وخلال فترة اعتقال الدكتور سمير جعجع، وُجد رمزي عيراني في المكان و الزّمان المناسبين عبر تعيينه رئيساً لدائرة الجامعة اللّبنانية في مصلحة الطلاّب مشجّعاً الشباب اللّبناني على البقاء، التّجذّر والتّصدي للذّل والقمع الّذي كان يمارس بحقّهم. لذلك كان مندفعاً ومقاوماً ايماناً منه بأنّ الجامعات هي مخزن الشباب ونقطة انطلاقهم للقضيّة الّتي سيجاهدون لأجلها. من هنا انطلقت مسيرة الرّفيق رمزي عيراني، من داخل حرم الجامعة اللّبنانية الّتي كانت ولا تزال وقود الشّباب القوّاتي خصوصاً خلال زمن القمع والاستبداد والتضييق على القوّاتيين والقوّاتيات. عمل معهم بكلّ اندفاع ويداً بيد دفاعاً عن كرامة لبنان أوّلاً ورفض الخضوع أمام الاحتلال ثانية، رمزي الصّوت الصّارخ لا للذّل نعم للحريّة.
لا يزال البعض يلوم رمزي لعدم النّأي بنفسه عن القضيّة الحقّة وعن النّضال من أجل استمراريّة القوّات اللبنانيّة. فلو فعل ذلك لما كان اختطف، عذّب وقتل غدراً ولكان اليوم بيننا، لكن رمزي اختار الطّريق الصّعب عبر الوقوف في وجه الظّلم والاستبداد ورفع الصّوت عالياً من أجل قضيّة الانسان والحريّة والاستقلال في الوقت الّذي كان البعض مجنّدين أنفسهم لخدمة المحتلّ ولتنفيذ مآربه فكان رمزي ضحيّة هؤلاء، رفض أن يكون من المحايدين، بلا قضيّة، بلا لون. لم يقبل يوماً الذّل الذي كانت تلحقه المخابرات السوريّة بالشّباب اللّبناني وفضّل أن يكون مقاوماً حرًّا فأصبح قائداً يمنح الأمل لهؤلاء الشّباب.
دفع لبنان، في زمن الحرب، كمًّا هائلاً من الشّهداء ولهم الاحترام والتّقدير، لكن استشهاد رمزي في الوقت الذي اعتبره البعض زمن السّلم، له معنى عميق: هو الذي تعذّب ونزف حتّى الموت ليروي بدمه قضيّة ناضل من أجلها لآخر رمق في حياته وليعطي الشّباب دفعاً للاستمراريّة وقيمةً للنّضال.
اعتقدنا، بعد ١٤ سنة من استشهاد رمزي عيراني وبعد ١١ سنة من خروج الاحتلال السوري من لبنان ذليلاً، ضعيفاً وخاسراً، أنّنا استرجعنا استقلالنا وحريّتنا الفكريّة لكن للأسف أتباع هذا النّظام لا يزالون يرضخون لأوامره غير آبهين لا بسيادة لبنان ولا أمنه ولا اسقراره... بل معرّضين لبنان لخطر دائم.
قدر الأبطال أن يصبحوا شهداء، وكم بطل قدّم لبنان على مذبحه، حتّى أصبحنا نتمنّى ونصلّي أن يتوقّف ذلك النّزف الهمجي وليحاسب من قتل وغدر شبابنا، لكن نحن شعب يؤمن بالرّجاء لذلك كلّ شهيد مشروع "قيامة".
نعدك يا رمزي، يا شهيد الشّباب، بأننا على خطاك سائرون، من أجل القضيّة موحّدون، ونتمنّى وقف نزيف وطننا لبنان لكي يحيا شهداؤنا الأبرار!!