لمّا حلفت إني باقي بلبنان، وباقي عا وعد أجدادي إني إحمي هالوطن، صار الغدر يقوى والوجع يكبر وصار الحزن عالفرح يطغى، ندهت لإمّي من السما وكان الدمع عامل من عيونا دما، توجّعت عنّا وقلت لازم عزّيا وقفت وصرخت متل اللي صرخ يوم اللي تعلّق على حبل المشنقة :
"معليش، ولو كان عمري التمن لمهم يبقى لبنان ويعيش الوطن"
ناديت إمّي وقلت: "أنا من هون من السّما يمّي شايفك عم تدمعي، غيابي موجعك؟ عارف إنّو أكتر من وجع وعارف إنّو دمعك أكتر من نبع. بس يمّي انا هون، أنا هون بالمطرح اللي خلقت كرمال أسكنو، أنا بأرض بتشبه أرض لبنان، أنا إنسان عايش متل إنسان، شو فيه لبنان؟ ليش بتزعلي ان قالوا اللّه يرحمو؟
لو تقشعي الأولاد عم يسرحوا ويمرحوا، لو تقشعي الإمّات من الضحك عم يتعبوا، هون الغدر مالو أثر، هون الملك متل الغجر. أنا يمّي من الفرح سكران، أنا شهيد خلقت لمّا اقتلت أنا قديس لعند ربّو هربان.
إمّي لا بقى تدمعي، وصيتي إلك عيشي معي، بالصورة، ولو كنت ما بسمع الألحان، صوتك صدى بيوصل لم تعلني الإيمان، وإن شي يوم لمحت وجّي بالمنام، كفّي النوم ولا تصحصحي كرمال تحسّي فيّي بالحضن غفيان، وقولي إلي بالمسا اللّه معك، يا بني صلّي معي تا نفرح بلبنان .