"إجت الكهرباء أو بعد، صارت السَّاعة 6 وبعد ما إجت؟ ما دّوروا كتير عالموتور نطوروا الكهرباء"... هكذا أصبح كلام جميع الُّلبنانيين في كلِّ منطقة وفي كلِّ منزل ينتظر الكهرباء على أمل بقائها لساعات. ولكنَّ الأمل يخيب أمله مع انقطاعها فورًا... فمن هو الضَّيف الَّذي متى حلَّ غادر؟
نعم أيَّها السَّادة الكرام، نحن في القرن الحادي والعشرين، وما زلنا نختلف على موضوع الكهرباء بدلًا من أن نخطِّط لمشاريع أكثر تقدُّمًا وحداثة.
لنعد إلى الواقع بعيدًا عن تخيلَّاتنا وأحلامنا! حين ناقش مجلس الوزراء والأحزاب مسألة الكهرباء، تشابكت الآراء والخطط والأفكار. لكنَّ البعض، قدَّم فقط اقتراحًا من دون خطَّة أو تخطيط، إلى حين قيام رئيس حزب القوَّات الُّلبنانيَّة، الدُّكتور سمير جعجع، بتقديم خطَّة كاملة ومنطقيَّة: خصخصة إنتاج الكهرباء لتخفيف عبء كلفته الباهظة على الدَّولة.
قالها الحكيم واشتعلت النِّيران يمينًا ويسارًا. فالبعض اعتبر أنَّ لا يمكن تحقيق هذه الخطَّة إلَّا بعد خمس سنوات، والبعض الآخر اعتبر أنَّها فكرة "كليشة" تمَّ اقتراحها سابقًا والحكيم ليس أوَّل من طرحها. وكأنَّ جعجع استعرض فكرة فنيَّة أدبيَّة من إنتاجه الخاص! لم يفكِّر الممتعضون بأنَّه يطرح موضوعًا علميًّا تقنيًّا. هذا ولم ينكر أنَّ هناك من اقترح الفكرة سابقًا، بل هو الَّذي أصرَّ عليها، مشدِّدًت على إنجازها لتحلَّ المشكلة.
أمَّا المضحك المبكي، فهو اقتناع بعض الصحافيين بأنَّهم يؤدَّون دورهم الموضوعي بإيصال المعلومات وبالتزام الحياديَّة في الآراء. ولكن بئس هذه الصِّحافة الصَّفراء الَّتي لا تستوعب ما يجري ولا تعرف ما تكتب؛ صحافة لا تعرف التَّفريق بين النميمة والآراء التقنيَّة العلميَّة؛ صحافة تريد أن تشهر نفسها بأخبار منافقة وكاذبة فتصطنع ما تقوله لتوليد الفتن!
ولكن عذرًا يا قناع الصِّحافة، فالمواطن ليس غبيًّا، والقارئ قادر على تحليل ما يقرأ وتمييز ما يجري حوله. بالتالي، لا يمكنك خداع إلَّا فئة المؤيِّدين لك! فابعدي شرَّك عنَّا يا أيَّتها الصِّحافة المهترئة واذهبي إلى تكذيب أخبار أخرى بعيدة عن العلم وحتَّى السياسة. دعينا نحلِّل ونحلُّ مشاكلنا الكبرى الَّتي أصبحت تؤثِّر على كلِّ لبناني من دون استثناء...
فهل تأتي الكهرباء في بيروت؟ أو في بشرِّي؟ أو في الجنوب؟ أو في الشَّمال؟ أو في الضاحية؟ ألسنا جميعًا نعاني من تكاليف الفواتير الكبيرة؟ فهل هذه مشكلة سياسيَّة؟ كيف هذا؟! الكهرباء ليست كرةً نسجِّلها في مرمى الانتخابات، وليست قضيَّة مسيَّسة محتكرة من طائفة واحدة! فلنكن إذًا واقعيين ولنفكِّر في راحتنا كما فعل الحكيم الَّذي كان هدفه خلاص المواطن وإنقاذ الدَّولة من عبء تكاليف الكهرباء والَّتي تصل إلى مليار ونصف المليار.
وللمشكِّكين نقول: علاقة القوَّات الُّلبنانيَّة والتيَّار الوطني الحرّ بألف خير سياسيًّا والاتِّفاق واضح! وبقوَّتهما إتِّحادٌ يثير غضب بعض الفئات الحقودة!
أمَّا بشأن مشكلة الكهرباء والبحث عن حلٍّ لها، يقدِّم البعض اقتراحات ملموسة ليتشاور بها ويناقشها جميع الفرقاء. أمَّا فكرة الدُّكتور جعجع، فهي الأكثر واقعيَّة ومنطقيَّة، لأنَّ خصخصة إنتاج الكهرباء ستنقذ الدولة من التكاليف من جهة وستؤمِّن للمواطن الكهرباء من دون انقطاع. وتأكيدًا على صوابيَّة هذه الخطَّة، ناقشها العديد من الأشخاص المعنيين بقطاع الكهرباء وأيَّدوا الفكرة كونها أفضل الحلول المقدَّمة، وأكَّدوا أنَّ يمكن إنجازها سريعًا على عكس ما قيل. إذًا، شدَّد الاختصاصيُّون على ضرورة البدء بإنجاز الخطَّة لينعم المواطن بهذا الحقِّ البسيط.
ختامًا، نأمل التوصُّل إلى حلٍّ لمشكلة الكهرباء فننهي هذه المشكلة ونفتح أبوابًا جديدة لمعالجة مشاكل أصعب وأكبر. فإلى جانب هذه المشكلة، مشاكل أخرى مثل المياه والطرقات وغيرها الكثير، وعلى المسؤولين الاهتمام بها وحلِّها لكي ينعم المواطن بأبسط حقوقه، فنكون يدًا واحدة لنصدَّ من يريد تدميرنا!