ما زالت ترددات اتّفاق معراب التاريخي تزلزل الوسط السياسي اللبناني برمّته. فبعد تبنّي الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وتوقيعهما على اتفاق من عشر نقاط يؤكّد على سيادة واستقلال لبنان، سارع حزب الله إلى التمسّك بترشيح العماد عون في العلن معوّلاً في المقلب الآخر على "فيتو" سعودي يجنّب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من أي خطوة لدعم ترشيح الجنرال عون.
وقد سار حزب الله ومعه ماكينته الاعلامية في بروبغندا اعلاميّة تحمّل الحريري مسؤولية الفراغ الرئاسي لعدم دعمه عون وتأكيده على الاستمرار دعمه لفرنجية. لكنه، قد فات حزب الله أن تيار المستقل هو تيار لبنان الأوّل الهادف لانهاء الفراغ الرئاسي واعادة الحياة الدستورية الى لبنان مهما كلّف الأمر. ومع عودة الحريري الى لبنان، عاد الحراك الرئاسي الى الساحة السياسية مع بروز مؤشّرات تأكّد نيّة الحريري تبنّي ترشيح العماد عون.
هذا الأمر أربك حزب الله وقد دفعه للمناورة مستخدماً ورقة حلفائه بغية الإبقاء على الوضع الراهن وإستمراره بهدم ما تبقى من مقوّمات الدولة اللبنانية. وأطلّ علينا الرئيس نبيه بري من جهة مشترطاً على الساعين لحلحلة العقدة الرئاسية الإتفاق على "سلّة متكاملة" مهدداً بمقاطعة نوابه لجلسة الإنتخاب الرئاسية المقبلة في حال عدم الرضوخ لمطالبه مطعّمةً بتسريب اعلامي يؤكّد عدم التخلي عن حليفه الشيعي وإمتناع نوابه من حضور الجلسات أيضاً في حال مقاطعة نوّاب حركة أمل للجلسة.
وبالمسعى التعطيلي نفسه، يشترط سالم زهران أي البوق الاعلامي لحزب الله، على الجنرال عون عدم تبوَؤ القوات اللبنانية للوزارات السيادة كشرط للسير به كرئيس للجمهورية. ومن المعلوم أن زهران هو ساعي البريد الاعلامي لحزب الله حيث يتكلّم ما يمتنع أن يجاهر به حزب الله في الاعلام.
في العلن ما زال حزب الله يدعي تمسكه بعون أما نواياه فباتت واضحة كالشمس. تمسك حزب الله بالجنرال لم يكن سوى ورقة تكرّس الفراغ الرئاسي، أما اليوم وبعد كل هذه المتغيرات وأرجحية تخلي الحريري عن الوزير فرنجية والسير بترشيح العماد عون لسدة الرئاسة فقد سقط القناع الذي لبسه حزب الله في السنوات الأخيرة لعرقلة استكمال عمليّة بناء الدولة في لبنان.
لقد هدم زلزال معراب الكثير من تحصينات سيّد الضاحية وبدأ يتّضح الخيط الأبيض من الأسود. أمّأ الجولة النهائية للمعركة السياسية، فهي لن تتحقّق سوى بإعلان الحريري السير بترشيح عون. فمتى ننعي رسميا حفلة أكاذيب حزب الله؟