جدودنا.... تعلقوا بالأرض منذ مئات السنين، سقوها من مآقي العيون وعرق الجبين، نحتوا الصخر ادراجاً، زرعوا القفر ثماراً وخيرات، سكنوا الوعر حولوه حدائق غنّاء، سكبوا على كل حبة ترابٍ نقطة دم طيبوها بخوراً وصلاة، فصارت أرضنا مباركة تحضن شهداء، تنبت قديسين... والأرض صارت وطناً اسمه لبنان!
جدودنا... قدّسوا لبنان، حفظوه في صلاتهم، رنّموه في تراتيلهم، حملوه في قلوبهم أهدوه كنزهم الثمين: حريّةً. خبأوها في كهوفه
و محابسه، ذادوا عنها في جباله فأصبحت ملاذا لكل طالب عيش بكرامة وعنفوان... استحقوه وطنا!
أرضنا، أم هويتنا... بعد مئات السنين من النضال... أصبحت للأسف الشديد عقاراً عند بعض اللبنانيين، مصيره معلق بلعاب السماسرة الطامعين بالمال ولو على حساب تغيير هوية الأرض وإضعاف المجتمع، عقاراً يشوهون البيئة الجميلة في البناء العشوائي عليه، يدمرون تراثه العريق، يمحون تاريخه، يهجّرون أهله و يغيرون واقعه الديمغرافي...
وما لم ينجح معهم بالقوة طوال قرون من الزمن،يبدو انه ينجح معهم الآن بالمال والإغراء....
أين إيمان الجدود؟ ألهذه الدرجة من الجهل وصل البعض؟ وإلى هذا الانحطاط الأخلاقي وصل بعضهم الآخر؟؟؟
فهذا يشتري الأراضي المسيحية ليتمدد كالاخطبوط وذاك يزوّر الملكية ويبيع عشرات العقارات في قريته وآخر يقرر أن يضم أملاك الوقف الماروني إلى أراضي حسينية شيدت على ارض قرية تملكها في الأصل البطريركية!!!! ولا احد من أهالي المنطقة يتحرك؟ الم يعد هناك من نخوة؟
اما من حل يوقف تشويه لبنان بيئياً، تراثياً، تاريخياً، ثقافياً و ديموغرافياً؟؟؟ أما من طريقة لإيقاف السماسرة المجرمين ال"بلا شرف"؟؟؟ الم ترى يا بائع أرضك ماذا حل بالفلسطيني بعدما باع أرضه لغريب أغراه بالمال؟
لماذا تبيع رفات الجدود والشهداء وهامات القديسين؟ أبالمال تثمنهم؟!!!
لقد آن الأوان للتحرك الفعلي و الجدي على كافة مستويات المجتمع لوقف هذه المهزلة ويا لبناني، يا مسيحي! حين تصبح أرضك عقاراً يصبح الوطن فندقاً يملكه غيرك وأنت مجرد نزيل إقامتك فيه مؤقتة!