تشهد فرنسا اليوم معركة رئاسيَّة بين عددٍ من المرشَّحين الَّذين يمثِّلون جميع الأحزاب السياسيَّة على صعيد السِّياسة الدَّوليَّة، وبعد فوز دونالد ترامب وتسلّمه سدّة الرئاسة في الولايات المتَّحدة الأميركيَّة. ومن أبرز المرشَّحين الَّذين سرقوا الأضواء على الصَّعيدين المحليّ والدَّولي، المرشَّحة عن الجبهة الوطنيَّة اليمينيَّة المتطرِّفة، مارين لوبان، والَّتي قامت بزيارة للبنان نهار الأحد ١٩/٢/٢٠١٧ امتدَّت على يومين. وكان جدول الزِّيارة يشمل مقابلة الرَّئيسين العماد ميشال عون وسعد الحريري، ووزير الخارجيَّة جبران باسيل، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، ومفتي الجمهوريَّة الشَّيخ عبد الَّلطيف دريان، ورئيس حزب الكتائب الُّلبنانيَّة النَّائب سامي الجميِّل، ورئيس حزب القوَّات الُّلبنانيَّة سمير جعجع.
أثارت لو بان جدلًا سياسيًّا في العاصمة بيروت حيث قامت بالتعبير عن مواقف سياسيَّة لم يكن مرحَّبًا بها من قبل بعض الجهات السياسيَّة والحزبيَّة ورجال الدِّين. وما كان مثيرًا للاهتمام هو أنَّ لو بان عبَّرت عن موقفها الداعم للنظام السُّوري وبشَّار الأسد مبرِّرةً ذلك بقولها إنَّ الأسد يشكِّل اليوم حلًّا، حلٌّ يدعو إلى الاطمئنان أكثر من داعش بالنسبة إلى فرنسا." وجاء ردُّ الدكُّتور سمير جعجع على لو بان سريعًا، إذ قال: "الأسد من أكبر الإرهابيين ولا يمكن نسيان أعماله العسكريَّة في لبنان والإرهابيَّة تجاه ثورة الأرز."
بالإضافة إلى المواقف السياسيَّة القويَّة الَّتي أطلقتها، لم تتردَّد لو بان في التَّعبير عن تعصُّبها الدِّيني. فلدى زيارتها دار الفتوى، أصرَّت على رفضها ارتداء غطاء الرَّأس علمًا أنَّ المكتب الإعلامي كان قد أبلغ المرشَّحة الرئاسيَّة، عبر أحد مساعديها، بضرورة وضع غطاء الرَّأس عند لقاء سماحته، كما هو البرتوكول المعتمد في دار الفتوى. وعند حضورها إلى دار الفتوى، فوجئ المعنيُّون برفضها الالتزام بما هو متعارف عليه. وعلى الرُّغم من تمنِّي المعنيين عليها وإعطائها الغطاء، رفضت وخرجت دون إتمام الِّلقاء المتَّفق عليه مسبقًا مع سماحته ما أدَّى إلى انزعاج رجال الدِّين وإثارة بلبلة في الشَّارع الُّلبناني. يبدو أن الهدف الأساسي لزيارة لو بان وتصرّفها في دار الفتوى ليس الّا اثارة للبلبة والتسويق الاعلامي الهادف لاستقطاب الجمهور الفرنسي قبيل المعركة الرئاسية في فرنسا. فهل ستتمكَّن مرشَّحة الجبهة الوطنيَّة اليمينيَّة من الوصول إلى هدفها؟