المسيح قام... حقاً قام
الموقف APR 14, 2012
هذه هي تحية عيد القيامة، التي اعتاد المؤمنون ترديدها منذ عصور المسيحية الأولى، ففي مثل هذا اليوم، يحتفل العالم المسيحي بذكرى قيامة المسيح من بين الأموات، والمعروف ان عيد القيامة يعتبر من أهم الأعياد المسيحية على الاطلاق. لأنه على موت المسيح وقيامته ترتكز دعائم الديانة المسيحية. فالايمان المسيحي يرتكز على الحقيقة الثابتة بأن المسيح الذي مات على الصليب فداء عن الخطأة، قام من الموت ليمنحهم الحياة، وعلى هذا الأساس يشير الكتاب المقدس إلى ذلك قائلاً : " إن لَم يَكُن المسيحُ قَد قام، فباطِلةٌ كرازَتُنا، وباطِلٌ أيضاً ايمانكم " ( 1 كور 15 : 14 )، ولهذا نرى المؤمنين يستقبلون فجر القيامة بقلوب مشرقة، ويُحيّون بعضهم بالتحية المألوفة ، " المسيح قام "، وجواب هذه التحية، " حقاً قام".

 يا له من فجر مجيد، ذاك الذي تلى ظلمة تلك الأيام القاسية المليئة بالفشل واليأس. كانت المحبة تبكي وهي ترى أوراق الرجاء تتساقط من حولها واحدة إثر الأخرى، فسكتت كل أصوات أفراحها، وحلَّ بدلاً منها أنين خافت كما من طائر جريح يتوجّع، وبعد أن كانت تتوقع ربيعاً باسماً مشرقاً، إذا بالشتاء القارس يفاجئها بكل ظلمته وقسوته، وبعد أن كانت تقف مرفوعة الرأس وقد ثبتت أنظارها في وجه المحب الأعظم مصدر الحياة ونبع المحبة، إذا بهذا الصرح الشامخ يتداعى فوق رابية الجلجلة، ومعه في القبر تُدفن كل آمالها وأمانيها، فيصير لسان حالها قول تلميذي عمّاوس : " كنا نأمل أن يكون هو الذي يُخلص إسرائيل ... " ( لو 24 : 21 )

 هكذا كانت حالة جميع التلاميذ قبل فجر القيامة، فقد سادت عليهم ظلمة اليأس، وامتلكهم شعور جارف بالضياع والفشل. فكان سمعان بطرس يقاسى الأمرين من الحزن المفرط بسبب نقده لمعلمه، وتأنيب الضمير بسبب إنكاره لسيده، وكان تلميذي عماوس يمشيان عابسين يتحدثان عن الأمور المحزنة، التي حدثت في تلك الأيام والتي كانت سبباً في فقدانهم لكل رجاء.

 مع مطلع الخيوط الأولى للفجر كانت مريم المجدلية تسرع إلى القبر ومعها الحنوط والأطياب لتدهن بها جسد يسوع، وعلى طول الطريق كانت الدموع تنهمر على وجنتيها بغزارة، ولعلها كانت تود ان تغسل بها جزءاً ولو يسيراً من الظلام الدامس الذي يخيم على روحها اليائسة ولكن هيهات. وفجأة سمع الجميع صوت يهتف يصيح قائلاً : " قد قام " ! لقد تزلزل القبر، وتدحرج الحجر، وقام يسوع منتصراً على الموت، ناقضاً أوجاعه، كاسراً شوكته.


 فكر في تلك الشعاعة الباهرة من النور التي بددت ظلام الموت، وفي تلك النغمات الموسيقية العذبة التي صدحت، فأزالت سكون القبر، وكيف كان تأثير هذه وتلك على نفسيات التلاميذ الخائرة البائسة، فانمحى اليأس، وانتهى الفشل، وانقشع الظلام، وحلَّ بدل هذه الأمور كلها نور عجيب أضاء القلوب.
بصليبك يا ربّ أعطيتني الخلاص، أنا غير المستحقّ والمغموس بالخطايا ولكن قُل كلمة فترمّم عظامي المُفكّكة، لا تصرف وجهك عنّي فإنّي بأمسّ الحاجة الى رحمتك.

وها هو زمن الرحمة نعيشه في أسبوع آلامك، وكما أقمت لعازر من القبر، أقم يا ربّ جميع الواقعين بقيامتك... وازرع المحبة في نفوسنا لكي نستحقّ القيامة والحياة الأبدية.

قيامتك يا رب، شهادة لقوة الله العظمى وايمان به، فإن كان الله موجودا وقد قام بخلق الكون وله القدرة على الكون، فإنه قادر على اقامة الأموات وغلبة الموت وقهر القبر إذ بقيامته ذكرنا الله بسلطانه على الحياة والموت.

                                                                                              جانين ن. عوض
 
الموقف APR 14, 2012
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد