آيا صوفيا : الكنيسة ثم المسجد فالمتحف
كزدورة MAY 26, 2012
"أيا صوفيا" تعني الحكمة الالهية أو المقدسة أي «سان صوفيا»، حيثيرى الناظر لها بجلاء الخطوط الأساسية لفن العمارة البيزنطية المبكرة وكذلك تقاليد العمارة الرومانية بالإضافة للبصمة الشرقية والفن الشرقي.

لذلك لنذهب معاً الى أيا صوفيا ونكتشفها معاً.

تقع آيا صوفيا في مدينة إسطنبول في تركيا بالقرب من جامع السلطان أحمد. كانت كاتدرائية على مدار 916 عاماً ولمدة 481 عاماً مسجداً ومنذ عام 1935 أصبحت متحفاً وهو من أهم المتاحف المعمارية في التاريخ وبالتالي يُعَد من أبرز الأمثلة على العمارة البيزنطيةوالزخرفةالعثمانية.



تاريخ بنائها:

بدأ الإمبراطور جستنيانفي بناء هذه الكنيسةعام 532م، وإستغرق بنائها حوالي خمس سنوات حيث تم إفتتاحها رسمياً عام 537م، ولم يشأ جستنيان أن يبني كنيسة على الطراز المألوف بل كان دائماً يميل إلى ابتكار الجديد. فكلّف المهندسين المعماريين «إيسودور الميليسي» و«أنثيميوس التراليني» ببناء هذا الصرح الديني الضخم وكلاهما من آسيا الصغرى.

آيا صوفيا ككنيسة بُنيت على أنقاض كنيسة أقامها الأمبراطور قسطنطين العظيم وإنتهت في عام 360 في عهد الأمبراطور قسطنطينوس الثاني وسُمّيت في البداية ميغالي أكليسيا أي (الكنيسة الكبيرة) ثم سُمّيت بعد القرن الخامس هاغيا صوفيا أي (مكان العلم المقدس) هذا ما تعنيه تسمية آيا صوفيا.

احتراقها ثلاث مرات:

هذا البناء ذو المخطط الكاتدرائي ذو السقف الخشبي كان بناء آيا صوفيا الأول الذي احترق في إحدى حركات التمرد ولم يبقى منه شيئاً، مما جعل الإمبراطور تيودوروس الثاني يقوم في بنائها ثانيةً ويفتتحه للعبادة عام 415. ومن المعروف أن البناء الثاني آيا صوفيا كان أيضاً ذات مخطط كاتدرائي وجدران حجرية وسقف خشبي، وقد تم إكتشاف بعض بقايا هذا البناء في الحفريات التي قام بها البروفيسور أ.م.سنايدر عام 1936 حيث عثر على بقايا درج المدخل وأحجار الواجهة والأعمدة وتيجان الأعمدة وقواعد الأعمدة والتزيينات والأفاريز وهي موجودة اليوم في حديقة آيا صوفيا وأسفل المدخل. إن قَدر قلعة آيا صوفيا الثاني لم يكن بأفضل من سابقه إذ أنه احترق تماماً أثناء حركة التمرد الذي اشتعلت شرارته الأولى في مضمار آيا صوفيا عام 532م.

بعد الحريق الثاني الذي قضى على آيا صوفيا ثانيةً قرر الإمبراطور أيوستينيانوس الثاني (527-565م ) أن يبني بناء أكبر وأعظم لآيا صوفيا فكلّف أشهر معماريي العصر في ذلك الوقت وهم أيسيدروس الميليتوس وأنتيميوس الترالليسي ببنائه.

والصرح القائم في يومنا هذا هو الصرح الذي بُني المرّة الثالثة الذي طالت مدة بنائه منذ 532 إلى 537 م أي خمسة سنوات متتالية من دون الإنتهاء من الزخارف، وافتتح للعبادة عام 537 م.



عمارة المبنى:

كان بناء كنيسة أيا صوفيا على طراز الباسيليكا المقبب ويبلغ طول هذا المبنى الضخم 100 متر وارتفاع القبة55 متر أي أنها أعلى من قبة معبد البانثيون، ويبلغ قطر القبة 30 متر.

وتعتبر قبة مسجد آيا صوفيا رائعة الجمال والتطور في ذلك الوقت فقد كانت قبة ضخمة ليس لها مثيل من قبل تبدو كأنها معلّقة في الهواء، وكان ذلك أمراً طبيعياً إلى حدٍّ بعيد فقد أصبح لدى المهندس البيزنطيّ القدرة والخبرة القديمة الواسعة والمعرفة لابتكار ما هو ملفت وجديد.
غير أنه بعد حوالي عشر سنوات فقط من إقامة المبنى تصدّع الجزء الشرقي من المبنى نتيجة حدوث هزّة أرضية في إسطنبول وسقط جزء كبير من القبةالضخمة فأمر جستنيان بإعادة بنائها مرّة أخرى بحيث أصبحت أكثر ارتفاعاً من السّابقة، وقام بتدعيم الأساسات التي ترسو عليها القبة وهذه هي القبة التي ما زالت قائمة حتى الآن، والتي استطاعت ان تصمد لكافة الأحداث منذ بنائها.



تحويل الكنيسة الى مسجد
:

استمر إستخدام الكنيسةكمركز للدّين المسيحي لفترة طويلة حتى دخول الدّين الإسلامي عام 1453م للقسطنطينيةفتمّت مصادرتها وتحويلها إلى مسجدعلى يد السلطان محمد (الفاتح) ابن السلطان عثمان مؤسّس الدولة العثمانية ولقب بالفاتح لأنه أكمل حلم والده وقام بفتح القسطنطينية (أسطنبول حالياً) وأمرَ بأن يؤذَّن فيها، عندما دخل مدينة القسطنطينية وقام السلطان محمد الفاتح بأداء أول صلاة فيها وهي ركعتين شكر لله على هذا الفتح العظيم ثم أضاف لها المآذن الأربعة حولها والتي تعتبر مآذن إسطوانية الشّكل ذات قمّة مخروطيّة والتي أضافت إلى هذا المكان وزادته رونقاً وجمالاً ولم تؤثّر على عمارته البيزنطية وظلّت أيا صوفيا مسجداً حتى بداية القرن العشرين.



ومن ثم الى متحف:

بعد إنهيار الخلافة العثمانية وقيام دولة تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك صدر قرار في عام 1935 م. بتحويل هذا الجامع الى متحف، وأصبحت مراراً للسياح وأصبح من أبرز معالم مدينة إسطنبول وتركيا وفقد الجامع طابعه الديني الذي استمر عليه لمدة تزيد على أربعة قرون. وقد حاولت الحكومة التركية في عهد حكومة نجم الدين أربكان سنة 1997 بإعادة الصلاة في هذا الجامع، لكن حدث انقلاب عسكري أطاح بحكومة نجم الدين أربكان وبحزبه.

هذه هي أيا صوفيا التي تغنّى بها الشعراء، أرجو أن تكون قد نالت إعجابكم.
كزدورة MAY 26, 2012
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد