يتمّ الإحتفال باليوم العالمي للمياه في ٢٢ آذار من كلّ عام وذلك للتوعية على أهميّة المياه والتّعرف على المشاكل المتعلّقة بها وحثّ البشريّة على إتّخاذ الإجراءات اللّازمة للمحافظة عليها.
يعتبر الحصول على مياه شرب نقيّة حقّاً من حقوق الإنسان وذلك منذ إقراره من قبل الأمم المتّحدة في عام ٢٠١٠. ويكفل هذا حق أن يتاح للجميع، دون تمييز، إمكانيّة الحصول على قدر كافٍ أو مقبول من المياه وممكن مادياً وميسور الكلفة ليتمّ إستعمالها لأغراض الشّرب والصّحة الشخصية وغسل الملابس وإعداد الطعام والنظافة الشخصية والمنزلية.
يتناول موضوع اليوم العالمي للمياه لعام ٢٠١٩ مسألة تعديل الوعد الجوهري الوارد في خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ حيث ورد فيه ضمان إتاحة المياه للجميع مع حلول عام ٢٠٣٠، وإدارة تلك المياه إدارة مستدامة، وقد أدرج هذا الموضوع تحت شعار "لا تترك أحداً يتخلّف عن الركب".
فأين لبنان اليوم من هذا الحقّ؟
يعتبر لبنان من أهم مصادر المياه في شرقي البحر المتوسط إذ يجري فيه حوالي ٤٠ مجرى مائي. وقد شهد لبنان هذه السّنة عدة منخفضات جويّة ماطرة كما ان بدء فترة الامطار الغزيرة لم يتأخر بعكس السّنوات الماضية. وقد إعتبر موسم ٢٠١٩ موسمًا شتويّاً خيّراً للزراعة والمياه الجوفيّة. اما بالنسبة الى الثلوج التي تشكل الغذاء الجوهري للينابيع والمياه الجوفيّة فقد كانت كثيفة بحيث لا تزل جبالنا مكسوّةً بلباسها الأبيض.
إذاً إنّ فيض المياه كان كثيفاً بحيث سيكون من المعيب سماع أصوات وصرخات المواطنين المطالبين بتزويدهم بمياه لاستعمالها لحاجاتهم اليوميّة في الأشهر المقبلة.
فإنّ المواطن اللّبناني إنحرم لعدّة سنوات من حقّه بالحصول على مياه نظيفة ونقيّة وبشكل وكميّة طبيعيّة تتناسب مع الحد المعقول لإستعمال الإنسان اليومي للمياه، وذلك بسبب التّلوث وعدم الإهتمام والتّوعية الكافية للمحافظة على المياه، وهذا ما جعل لبنان يفقد نسبيّاً أحد ميزاته وخصائصه الطّبيعيّة وهي وفرة وجود مصادر المياه فيه.
وكما جرت العادة، فبدل من التّمسّك بكلّ ميزة يتمتّع بها وطننا، نعمد لهدرها وزيادة المشاكل الإجتماعيّة والإقتصاديّة.
فهل فكّرنا للحظة بأنّ المياه كانت لتكون إحدى الحلول للحد من تفاقم العجز المالي والنّهوض بوضعنا الإقتصادي؟
فبدلاً من هدر المياه بطريقة عشوائيّة كان بإمكاننا المحافظة عليها والإعتماد عليها في العمليّات الإقتصاديّة وذلك بتصديرها للخارج وتحديداً للبلاد التّي تتمتّع بمناخ صحراوي. وهذا الأمر يدفعنا للتفكّير بأنّ لبنان كان بإمكانه تصدير فائض مياهه للبلاد الصّحراويّة والحصول على مردود مالي كافٍ لجعل بلدنا من البلدان المتقدّمة والغنيّة كما هو حال البلاد المصدّرة للنّفط.
ولكن للأسف صفقات الهدر والفساد تعلوا شأناً عن مصالح البلد وتطوّره والحدّ من زيادة دينه العام الذي لا يزل على إرتفاع بسبب إهمال المعنيّين المكلّفين بالحفاظ على ثروات البلاد وحمايتها بهدف إستثمارها لخير الوطن.
فمن واجب من اليوم إيجاد الحلول لأزمة المياه والتّوعية على الحد من تلوّث المياه في لبنان؟
عدّة أسئلة تطرح في هذا السّياق خاصةً من حيث المصدر والجهة الّتي تتولّى إدارة المياه والطّاقات الأخرى ومدى نزاهتها وشفافيّة عملها.
وفي اليوم العالمي للمياه، نتمنّى على كلّ مواطن المحافظة على هذا الكنز الأزرق ومعرفة بأنّ الحصول عليه حقٌّ من حقوقه الأساسيّة. ولن نسمح، بعد اليوم لأحد، أن يستهتر العقول، وان يستمر بمسلسل السّرقة.