رسالة العدالة
توجيه JUL 07, 2017

المحاماة مهنة تهدف إلى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق، هكذا عرّفها قانون تنظيم مهنة المحاماة الصادر سنة ١٩٩١ في مادته الأولى. 


ويعرّف هذه المهنة أيضاً أنّها طريق الخلاص التي يلجأ إليها كل مظلوم ليستعيد حقه المختلس من قبل من تناسوا ان هناك حساب يوم الآخرة، ما جعل من هذه المهنة أكثر من مجرد وظيفة يعتمد عليها المحامون لكسب معيشتهم وحوّلها لرسالة حياة، لا بل لحرب بوجه الشر والغدر والحقد بكل ما للكلمة من معنى. 


وأمام هذا الثقل الذي تلقيه هذه المهنة على أكتاف المحامين، السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن لأي أحد أن يتولاها؟ 


بالطبع لا، فالمحامون الذين يظهرون بثيابهم الأنيقة يتنقلون بثقةٍ شامخة لا يحدّها سوى ألوهيَة العدالة، هم في الواقع أحرارٌ اختاروا بإرادتهم أن تكبّلهم هموم قضاياهم المحقة، فالمحامي يفكر بقضاياه ما دام قلبه ينبض وعقله قادرٌ على التفكير. 


هؤلاء المحامون وإن كنتم ترون الضحكة المنقحة بالجبروت على وجوههم فهم في الواقع يخفون بها حزناً لا يقاس على كل بريء لا يملكون الأدلة الكافية  لتبرئته لإخراجه من وراء قضبان الظلم.


 هؤلاء المحامون وإن كانت سياراتهم فاخرة وبيوتهم ثمينة فهم  في الواقع قد دفعوا ثمنها من أجسادهم ليالي تعب، كي لا يخسر المظلوم بيته ولا يستولي الظالم على سيارة غيره.


وثوب المحاماة، ذاك الثوب الأسود الذي ارتداه محامٍ للمرة الاولى عام ١٧٩١ في فرنسا كي يذكر القاضي بحكمه على شخصٍ بريء بالإعدام، يعكس ألوان التجرد التي يتمتع بها المحامي منذ حلفانه اليمين وحتى مماته، كي يؤكد للعين التي تراه أن لباسه لا يعرف المساومة على الحق ولا ينطق لسانه سوى بالعدل، ولا يفكر عقله سوى بالحقيقة. 


وأخيراً ومهما حاولنا وصف هذه المهنة، فلن نجد كلمات تفي بالغرض وإن  ملأنا من الأوراق مجلدات، لأن هذه المهنة ببساطة هي مسيرة حياة ينذر الراغبون بعيشها أن لا يغمض لهم جفن ما دامت البشرية بحاجة لهم. 


فهل يأتي يوم ويغمض فيه جفن المحامين أم تزول البشرية قبل أن يرتاح هؤلاء؟

توجيه JUL 07, 2017
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد