نقلاً عن نشرة "آفاق الشباب" العدد 78:
«الجمال من عند الله» إذ خلقه ربّ الأكوان بأشكال وألوان متفاوتة، لكن عندما يصبح الشكل واحداً واللون واحداً يفقد الجمال رونقه ويتحوّل الى صورة نمطية ونسخة طبق الأصل.
لم تكن عمليات التجميل في الماضي عنصراً للتباهي إذ انحصرت في تنسيق الملامح وتصحيح الشوائب. أما اليوم فأصبحت «موضة» اندمجت في «أساسيات» حياة النساء، سواء كنّ بحاجة إليها أو لا، حتى باتت تسميتها ب»الهوس» منطقية. لكنّ هذا اللقب قد لا يشمل أنواع العمليات كافة فبعضها يكتسب أهميته من ارتباطه بالشق النفسي لدى المرأة، كعمليات شدّ التجاعيد وترهّلات الوجه التي تساعدها على إعادة بناء ثقتها بنفسها. إلا أن بعضها الآخر قد يؤثّر سلباً في صحتها الجسدية والنفسية.
غالبية النساء يتوقّعن تطوّراً جذرياً في مظهرهن بعد إنجاز العملية لكن النتيجة قد لا تحقق الأحلام، ففي أبسط الأحوال قد يؤدي فشلها الى تشوّه ويصل الأمر الى حدّ قصور في عمل العضو قيد الجراحة أو حتى شلله بالكامل.
في هذا الإطار، أشارت الاختصاصية في علم النفس الدكتورة ريما بجاني ل «آفاق الشباب» الى أن عمليات التجميل زادت بنسبة كبيرة في المجتمع اللبناني لأسباب وعوامل عدة.
ورأت بجاني أن النظرة الى عملية التجميل تختلف من الناحية النفسية بين شخص وآخر إذ يشعر البعض بعدم الرضى عن نفسه، والسبب الأول في هذه الحال يعود الى تغيير نظرة المرء الى ذاته، لاعتقاده بأن العمليات ستؤدي الى اكتمال التغيير.
ولفتت بجاني الى ما يسمّى في علم النفس ب»الحال المرضيّة»، أي عندما يُجري الفرد عمليات تجميل متتالية من دون الوصول الى درجة القناعة والرضى، وقالت: «الأمر المبكي في هذه الحال هو عندما ينبت لدى المرء شعور بأن الجميع أجمل منه. هنا تؤدي الثقة بالنفس دوراً مهماً وتعود ببُعدها الكبير الى تربية الأهل في حالات معينة».
ورأت بجاني أن «ما يزيد الطين بلّة» هو مشاهدة بعض النساء مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن «هذه الأمور مغلوطة ولا تمتّ الى اواقع بصلة».
وإذا كانت الرقابة الذاتية الرادع الأبرز لعدم الغرق في دوّامة الإدمان على التجميل، إلا أن للدولة دور مهمّ جداً لضبط تداعياتها. وهنا لا بد من التنويه بأداء «القوات اللبنانية» الحكومي، إذ وجّه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني أخيراً، إنذاراً الى عدد من المراكز الصحية المخالفة وأقفل بعضها لعدم امتلاكها ترخيصاً مسبقاً في حين كانت الرقابة غائبة قبل عهد بناء الدولة.
في الختام، لا يمكننا إلا أن تقديم بعض النصائح لتوخي الحذر من خطورة عمليات التجميل، لجهة عدم التسرع في اتخاذ قرار الخضوع لها بل إجراؤها عن قناعة مطلقة نتيجة تقييم شامل، واستشارة متخصّصين من ذوي الكفايات والخبرة، إضافة الى ضرورة عدم تخطي الحواجز الشرعية في بعض الجراحات.