الضّرائب.. أو الدّين؟
تحقيق OCT 06, 2017

ستّة سنوات قد مضت، ولا نزال من دون حلولٍ واضحة في ما يخصّ مشكلة سلسلة الرّتب والرّواتب. شعاراتٌ ومواقفٌ مؤيّدة من هنا، واخرى معارضة من هناك في حين أنّ الإقتصاد اللّبناني على المحكّ، لا يتحمّل مزايداتٍ لكسب تأييداتٍ شعبيّة. وفي جوٍّ مليءٍ بخطاباتٍ تخدم مصالح إنتخابيّة بحتة، كان لا بدّ من الرّجوع لآراء إختصاصيين للإطّلاع على إنعكاسات كل خطوة جديدة في موضوع السلسة.
في قراءةٍ لأكثر من حديثٍ لحاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة، نرى تشديد على خطورة المضيّ بسلسلة الرّتب والرّواتب. فمع إقرارها، تمّ فرض مجموعة ضرائب طالت القطاع المصرفي، فرفعت الضّريبة على الفوائد المصرفيّة من 5 إلى 7%. يُعارض سلامة هذه الزيادة معتبرًا أنّها ستنعكس سلبًا على قطاع المصارف في لبنان إذ أنّها ستخيف المستثمرين.
من جهةٍ أخرى، يأتي رأي مدير عام وزارة المال السّيّد ألان بيفاني مؤيّدًا للضرائب، معتبرًا إيّاها ضروريّة لحماية الوضع الإقتصادي اللبناني عمومًا، ووضع المواطنين خصوصًا. فبحسب بيفاني لا يمكن فرض نفقات جديدة على الدّولة إلّا إذا وُجدت إيراداتٍ في مقابلها، والضّرائب هي الموارد الأفضل إذ أنّ البديل عنها هو الدّين. بالتّالي في حال لم يتأثّر المواطن بالضّريبة، سيكون الدّين في المرصاد كما حصل في عاميّ 2008 و 2009 نتيجة زيادة النفقات من دون ضرائب الأمر الّذي أدّى إلى زيادة الدّين العام حوالي 13748 مليار دولار.
لهذا السّبب، يجد بيفاني أنّ الحلّ الأنسب يكون بتوجيه الضّرائب صوب القطاعات الّتي تتحمّلها، ومن هنا يقع الإختيار على قطاعيّ المصارف والعقارات. فأرباح المصارف طائلة تُقدّر ب2.2 مليار دولار سنويّا في حين أنّ الأعباء المتوجّبة عليها هي فقط حوالي 200 مليون دولار. أمّا فيما يخصّ قطاع العقارات، فإنّ فرض الضّرائب عليه سيتّخذ صفة العدالة. ففي الوقت الّذي يدفع فيه أصحاب المصانع والمصالح تكاليفٍ عالية، لا يحتَّم على الّذين يشترون العقارات ويبيعونها أيّة تكاليف على الرّغم من أنّهم يحقّقون أرباحٍ كبيرة. ونتيجة هذه اللّاعدالة هي زيادة الفسخ بين الطّبقة الثّريّة والطّبقة الفقيرة في وقتٍ أصبحت فيه الطّبقة الوسطى شبه مفقودة. وهنا تجدر الإشارة الى أنّ هذه الطّبقة تشكّل نواة المجتمع، فمن صلبها تنبع الحركات والأفكار الإصلاحيّة.
أمّا اليوم وبعد أن أبطل المجلس الدّستوري قانون الضّرائب مع الإبقاء على قانون السلسلة، يتوجّب علينا كمواطنين أن نتساءل عن مصير بلدنا الإقتصادي. فما هي كلفة الحل الجديد لتمويل سلسلة الرّتب والرّواتب؟ هل سنستمرّ بالإنجرار وراء الشّعارات الرّنانّة غير آبهين للوقائع؟

تحقيق OCT 06, 2017
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد