صراع النّفوذ عبر العصور ليس فقط صراعاً سياسياً وعسكريّاً.. بل هو صراع اقتصاديّ علميّ تكنولوجيّ بحت، يتتطوّر في بعض الأحيان ليظهر باللّباس السياسي وبالتّموضع الانقسامي.
منذ بدء التّكوين، حبّ السّيطرة موجود غرائزيّاً لدى البشر.
من قايين و هابيل إلى روسيّا وأميركا والاتّحاد السوفييتي والاوروبي مروراً بالحضارات القديمة جميعها..
فمن يمتلك القوّة الفعليّة؟وهل من يمتلك هذه القوّة له السّيطرة الفعليّة على العالم أجمع؟
جميعنا نسمع الآن بكوريا الشّماليّة وبالرّئيس "كيم جونغ أون" ولاسيّما بالقنبلة الهيدروجينيّة التّي تمّ تجربتها بنجاحٍ باهرٍ منذ بضعة أيامٍ...ولكن هل من أحدٍ يسأل نفسه، لماذا؟ لماذا وصلت كوريا إلى حدّ امتلاك هذه القنبلة؟!
لنرى الأمور من منظارٍ أوسعٍ قليلاً..
ما هدف الرّئيس الكوري من امتلاكه الأسلحة النّوويّة؟ هل فعلاً لتهديد الدّول الكبرى و بسط نفسه كقوّة أساسيّة في العالم العسكري؟! ولماذا سمحت له هذه الدّول بالوصول إلى ما وصل اليه؟
اذاً، روسيا و الولايات المتّحدة راضيين عن الوضع القائم حتّى لو اعترضوا على ذلك اعلامياً..
فالدّول العظمى قد سمحت في الآونة الأخيرة بظهور العديد من القوى الجديدة من ايران الى كوريا.. و حتى منظّمات عسكريّة من القاعدة إلى داعش..
فالمردود الإيجابيّ لهذه الدّول هو في الدّرجة الاولى اقتصاديّ؛ فالتّهديد الذّي ينتج عن هذه المنظّمات و الدول يهدف تلقائيّاً إلى سعي الدّول الضّعيفة المجاورة للتسلّح خوفاً على أمنها و وجودها..
ومن أفضل من أميركا وروسيّا للقيام بهذه المهمّة؟!!
بروز القاعدة ولا سيّما بعد أحداث ١١ أيلول كما بروز الدّولة الإسلاميّة الآن.. دفع بجميع الدّول العربيّة إلى ابرام صفقات سلاح بمليارات الدّولارات مع أميركا وروسيّا؛كما هو الحال مع كوريا الجنوبية من بعد قنبلة جارتها الشمالية..
إذ إنّ الولايات المتّحدة سمحت لها باقتناء صورايخ بالستيّة!!
باختصارٍ شديدٍ، "بزوال المسبّب، يزول السبب"
فالدّول الكبرى بحاجةٍ ملحّةٍ إلى كلّ ما يتمّ التّداول به من مخاوفٍ إرهابيّة عسكريّة مرتبطة بالمفاهيم العقائديّة...
وهذه الحاجة تدفع بها إلى إنشاء محاورٍ دوليّةٍ، كي تكون سوق رحبة لمنتوجاتها العسكريّة.
المحور الأوّل على رأسه روسيّا، والمحور الثّاني على رأسه الولايات المتّحدة الأميريكيّة. قطبان أساسيّان يتحاربان اقتصاديّاً عبر أسواقهم العسكريّة... فتجتمع القوة والسّلطة وتلتأم صراعات المصالح!