إنّ العالم بأسره مريض، يتألّم من جميع الجهات، ينزف يوميّاً جراحاً وقروحاً، وكأنّ وباءً قد تغلغل في شراينيه ليمتصّ منه الحياة.
ها إننّا نستيقظ يوميّاً على أخبارٍ مأساويّةٍ قبيحة منتشرة ما بين القطبين ولم تعد تفرّق ما بين البلاد سواء كانت فقيرة أم غنيّة. فمن مجسد نيوزيلاندا إلى حريق كنيسة"Notre Dame" في باريس ومن ثمّ أعمال الإرهاب الّتي طالت كنائس سريلانكا، لم تعد عقولنا تستوعب الأعداد الهائلة من الدمار والخراب وكأنّها حربٌ عالميّة ثالثة من نوع أخر، قائدها الإرهاب والعنف والبربريّة الذين سيطروا على العالم وإستولوا على حريّة سكّان الأرض.
وكنّا نشهد في الآونة الأخيرة، تفشّي منظّماتٍ إرهابيّة متطرّفة، بطريقة غير مسبوقة من قبل، مما زاد من حدّة الأوجاع الّتي تصيب الشّعوب وتدمرّها. إنّ هذه المنظّمات تتربّى على عقائد وطقوس أشبه بالشّيطانيّة لأنّها تتبع أعنف الأساليب للقيام بمخططاتها. بالإضافة إلى ما تحدثه من نكبات وأضرار ماديّة، تكمن الأذيّة الكبرى في النّفوس والعقول، إذ إنّنا نشهد إنتهاك لحقوق الإنسان والحريّات كافة بالأخص حريّة التّعبير والمعتقد الّتي طالما ناضلت الشّعوب من أجل إكتسابها طوال سنين وعقود.
فهل سيستسلم عالمنا لهم؟ وهل سيرضخ أهل الثّورات والعنفوان لأهل الجهل، العنف والإرهاب؟
هذا أمرٌ مشكوكٌ فيه، لأنّه إذا أخذنا على سبيل المثال الشّعب اللّبناني وما مرّ عليه من أزمات إجتماعيّة وإقتصاديّة، حروب وإغتيالات، تفجيرات وإحتلالات، ورغم ذلك لم يرضخ يوماً لقساوة الظّروف وحدّة الأخطار. ظلّ اللّبنانيّون متمسّكون بحريّتهم وهويّتهم على الرّغم من أنّه من أكثر الشّعوب الملوّعة والّتي دفعت ثمن صمودها دماء أبنائها.
علينا إذاً مواجهة كلّ من وما يستهدف تقدّمنا وتطوّرنا الإجتماعي والإنساني والأخلاقي لأنّه إذا توقّفت عجلتنا عن السّير قدماً، سيحقق كلّ عقل متطرّف ورجعي مبتغاه وسيفقد العالم من ميزاته ونصبح تحت سيطرة الشّر.
فنحن بأيدينا نمتلك حرية الاختيار إمّا النّهوض وإمّا الإستسلام. فعلينا إذاً التّمسك بصلابة إيماننا لأنّ عالمنا في مأزق وعلينا إستدراك ما يحدث، والإستفاق من الغيبوبة قبل فوات الأوان. فمن سينتصر في الآخير؟