عشر سنوات مضت على الحرب في سوريا، وتلك الانتفاضة السلميّة التي ما لبست أن تحوّلت إلى حرب دموية راح ضحيتها مئات آلاف القتلى والجرحى، وشرّدت الشعب السوري بشكل أساسي بين لبنان والأردن وتركيا لتضاف إلى معاناة اللاجئين أزامات كلّفت البلدان المضيفة كلفة باهظة على صعيد البنى التحتية من كهرباء وماء وأمن غذائي. فهل آن أوان لعودة بعض اللاجئين إلى بلدهم؟ وهل ما زالت تنطبق عليهم صفة لاجئين، لا سيّما مع توجّه عشرات الآلاف من بينهم أرتالاً إلى التصويت للأسد ونظامه الإرهابي، أحد الأطراف الأساسيين للحرب السورية ورأس النظام الذي طالب الشعب السوري بإسقاطه وهربوا من بطشه؟
تنصّ المادة الأولى من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 1951 على تعريف اللاجئ بأنه "شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل / تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد."
وفيما يرزح لبنان تحت وطأة التدهور الاقتصادي الذي أدّى إلى مشاكل وأزمات عديدة، لا شك من ازدياد هذا التدهور بسبب وجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية. لبنان الـ10452 كلم2 يسكنه ما يقارب أربعة ملايين نسمة ودخله مليون ونصف من اللاجئين السوريين تقريبًا، ما يشكّل عبئاً اقتصادياً وأمنياً بالغاً على الدولة اللبنانية لا يمكنها استيعابه.
أعادت ردّة فعل اللبنانيين تجاه السوريين في الباصات المتوجهة نحو صناديق الاقتراع يوم الخميس الماضي صورة الحقد المدفون بين بعض أطياف الشعب اللبناني والنظام السوري، كما أثارت استفزازات السوريّين برفع صور بشار الأسد، ذاكرة من عانوا بسبب هذا النظام البعثي من اعتقالات وقتل وإجرام، ما جعلهم يقومون بردّة الفعل العنيفة هذه.
ولبنان الذي كان مضيافًا لهؤلاء "اللّاجئين" وتحمّل الأعباء التي ذكرناها، باعتبار أن هؤلاء قد هربوا من ظلم نظام الأسد الذي يعرف شعبنا طعمه، لن يستوعب إعادة انتخابهم له. وبذلك يصبح وجودهم في لبنان غير مبرّر ومستفز، وتسقط عنهم صفة اللّاجئين، وتكون عودتهم إلى أحضان الأسد الذي يريدونه رئيسًا لبلادهم أمرًا ضروريًّا.
فهل ستكون حادثة الخميس الماضي صحوة للبنانيين لينادوا بعودة مؤيّدي الأسد إلى بلدهم؟