أرادوا اغتياله سياسيًا.. فكانت البراءة
الموقف JUL 13, 2020

قد عرف المسيحيون العديد من المجازر والحروب وهم يدافعون عن أرضهم وتاريخهم رافضين الخضوع إلى أي شخص أو جهة. لكن يبقى تفجير كنيسة سيدة النجاة من أكثر الأحداث ألمًا في تاريخهم، لا سيّما أن المتهم الأول كان حزب القوات اللبنانية وقائده سمير جعجع. فما علاقتهم بالتفجير ولماذا نسب إليهم؟ وهل حقًا سمير جعجع هو من أعطى أمر التفجير؟

 

عام 1989 حصل اتفاق الطائف وأنهى بوجوده حربًا دموية دامت 15 عامًا. وكان حزب "القوات" داعم لهذا الاتفاق لأن ثمة حلّ لاح في الأفق لخلاص لبنان؛ وقد حان الوقت لإنهائها وقيام دولة فعلية تحكمها الشرعية والقانون.

 

وفي الوقت ذاته، ثمة من كان يريد الانقلاب على الطائف وأخذ لبنان رهينة وبسط سيطرته عليه كليًا. نعم هي "الشقيقة" سوريا التي لم تعترف يومًا بوجود لبنان، وتعتبره محافظة يخضع لها. فيما كانت أغلبية الأطراف اللبنانية تعطي الغطاء الكامل للنظام السوري لاستباحة السيادة اللبنانية، وقف حزب القوات اللبنانية وحيدًا يدافع عن لبنان ومطالبًا بالخروج السوري كما نصّ عليه الطائف.

 

لم يبقَ أمام الأسد إلا سمير جعجع وحزبه للسيطرة الكاملة على لبنان. فعمل النظام السوري للإطاحة "القوات" وجعجع تارة بالأكاذيب وتارة بالترهيب. لكن كان "القوات" يتمتع بقيادة حكيمة يصعب كسرها. حاولت دمشق إخضاع جعجع بإعطائه مناصب من أجل كسب صمته، أو بتهديدات أمنية وإرغامه على الهروب إلى الخارج كبعض الزعماء المعارضين. صمد جعجع ورفض الخضوع، فلم يتبقَ أمامهم إلا تشويه صورته أمام المجتمع المسيحي. فحلت الكارثة في 27 شباط 1994 واستهدفوا كنيسة سيدة النجاة في الذوق، بانفجار أودى بحياة 11 شخصًا و54 جريحًا. هزت الحادثة المجتمع المسيحي وحاول النظام الأمني اللبناني-السوري اتهام جعجع لا لسجنه وإبعاده من الساحة السياسية فقط، بل لاغتياله نهائيًا في بيئته المسيحية.

 

استخدم النظام شتى الأنواع من أجل إثبات التهم، بدءً من الاعتقالات وصولًا إلى تركيب شهود الزور وبث الشائعات يمينًا ويسارًا حتى حاولوا قرع باب بكركي للمساعدة؛ لكن البطريرك مار نصر الله بطرس صفير كان يعي جيدًا هوية حزب القوات اللبنانية وقائده سمير جعجع. كما البطريرك الراحل، كانت البيئة المسيحية ترفض تلك الأكاذيب والأضاليل وذهبت فورًا باتجاه تبرئة "القوات". حتى المحاكم، نفت علاقة "الحكيم" بالتفجير فانجلت الصورة أمام الجميع: إن "القوات" بريء من كل ما ارتكبه النظام والملفات التي فبركها بحقه، فهو المقاومة التي وقفت في وجه الفلسطيني والسوري، ولولها لما بقيت دولة في لبنان.

 

حاولوا إلغاء "القوات" في الحرب والسلم ففشلوا، وحاولوا إلغائه في السياسة ففشلوا. وها هي كنيسة سيدة النجاة موجودة ويتهافتون المسيحيون إليها ولا زالت أصوات أجراسها تدق، وها هو سمير جعجع حرّ ولا يزال يحارب من أجل لبنان. وها هو حزب القوات اللبنانية يقدم نموذج الجمهورية القوية لجميع اللبنانيين، وها هو النظام السوري يقتل ويذبح شعبه ويدمر الكنائس والجوامع.

 

أمر واحد لم يبدله التاريخ، لا زالوا عملاؤه في وجودهم الفاسد وسياستهم الخاطئة يواصلون في أخذ البلد إلى انهيار كبير. ففضلوا إعطاء بشار القمح والمازوت والعملة الصعبة وشعبه في الوقت الذي بدأ الجوع يقرع أبواب اللبنانيين. فمتى سيدرك شعب لبنان العظيم أن أزلام النظام لن يصلحوا البلد لأن دور النظام يقتصر على القتال من أجل أن يبقى طاغية دمشق جالسًا على عرشه؟

الموقف JUL 13, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد