من منكم لم يسمعْ يوماً بجبران خليل جبران وميخائل نعيمه وغيرهما؟ هذان الكاتبان والشّاعران الشهيران اللذان لطالما رفعا إسمَ لبنانَ في الوطنِ العربيّ والعالمي!
في نصّي هذا، سأكلِّمُكم عن أهميّة الكتابة والشّعر وخاصةً في عصرنا هذا: غالباً ما نسألُ هذا أو ذاك عمّا سيتخصّصان في الجامعة، فيردّان كلاهُما بجوابٍ قد يصيبني بالدهشة مراتٍ عديدةٍ، حين يقول الأول انني ادرسُ الهندسة والثاني يقول انني ادرسُ الطبَّ. وينصدمان عندما أقول لهما انني سأكمل درسَ آداب اللغة العربية وقواعدِها، فيؤردفان قائلَيْن: أنهايتُك في المدارس؟ ألمْ يُصِبْكَ الململُ؟ ولكن أردُّ قائلا: لولا هذا الأستاذ وهذه المادة هل كنتما لتصلا إلى ما أنتما عليه؟
أنا لا أشهِّرُ بالاختصاصَيْن المذكورَيْن أعلاه، ولكن أريدُ إيصالَ فكرةٍ معينةٍ ألا وهي أنَّهُ يجب علينا أن نتعلقَ بلغتِنا الأم لأنّنا نفتقدُ لها شيئاً فشيئا دون أن نعرفَ!
أيها الكاتب، يا من أفنَيْتَ عمرَك في إيصالِ كتاباتِك إلى العالم كلِّه، لكَ منّي كل التقدير. أهي صدفةٌ أن نقولَ لكلِّ رجلٍ نكنّ له الإحتراظ كلمةَ "أستاذ"؟ لا فهي كلمةٌ تعني الكثيرَ فأنتَ الوحيد الذي يحولُ شهادتَه إلى كتابٍ يضعُ لا بل يفني فيه كلَّ أيامِه وحياتِه فأنتَ بالفعلِ جبّارٌ!
مفادُ القول، الجميعُ يموتون ولكن يبقى الكاتبُ وحده خالداً وذلك من خلالِ كتابتِه التي تبقى معجَّةً بالحياة، ونرى أيضاً أنَّ للكاتب نظرةً بعيدةً، فكلَّما قرأنا لجبران خليل جبران أو غيرِه من الأدباء والشعراء نرى أنَّ ما كتبَه في الماضي ها هو يُطبَّقُ في أيامِنا هذه.
أيّها المهندسون، لولاكم لمّا كنّا نسكنُ في هذه البيوت، أيُّها الأطباءُ، لولاكم لمّا كانتِ الحياةُ مستمرةً، أيُّها الأدباءُ والشعراءُ، لولاكم لمّا كانتِ الصِّحافة والأغنيةُ هي شعلتُنا فلكم منّا جزيلَ الإحترام والتبجيل والتقدير. فكم من ليلةٍ، لم ينمِ الشّاعرُ وذلك ليكملَ ديوانَ الشعر الذي إستغرقَ الكثيرَ من الوقتِ معه ولكن في أخر المطاف، شكراً لجهدِكم وتعبِكم فلولاكم لمّا وصلَ لنا الحرفُ مُعرباً ومُصرَّفاً. أيّها اللّيلُ، مدَّ ليلَك كي تكثُرَ أشعارَنا وقصائدَنا، وانتِ أيتها الشّمسُ، استريحي صباحاً، فكلمةٌ واحدةٌ من شعرائِنا وأدبائِنا تحلُّ محلَّ أشعتِكِ!