تأتي الامتحانات الرسميّة في لبنان للشّهادتين المتوسطة والثانويّة من جهةٍ كما المهنيّة من جهةٍ ثانية، محطةً سنويّة يتوقّف عندها اللبنانيّ بشكلٍ عام والطالب بشكلٍ خاصّ، شاغلةً بذلك وسائل الإعلام على اختلافها مواقع التّواصل الاجتماعي التي تزدحم بالتعليقات المتناولة عملية المراقبة والتّصحيح كما مستوى المسابقات وتأمين الجوّ المناسب لراحة المرشح.
ومع اقتراب "موسم التقديم" تسعى وزارة التربية إلى إرضاء الرأي العام. فتَعِد بامتحاناتٍ ضمن المناهج وبتوفير المناخ المناسب لحسن سير عملية الامتحانات.
هنا لا بد من طرح أسئلةٍ عديدةٍ، وهي التالية:
ما المطلوب لتحسين مستوى الشّهادة اللبنانيّة؟ وهل تكفي الخطوات المعتمدة لإعادة ثقة الطالب اللبنانيّ بها؟
قبل تناول موضوعنا، بدايةً لا بدّ من الإشارة أنّ المشكلة الأساس لا تكمن في الامتحانات والشّهادة، بل في المنهج بحدّ ذاته. إذ أنّنا نفتقر لمنهجٍ يحاكي الشّباب اللبنانيّ ويعزّز في قلبه روح الوطنية وينمّي مواهبه ويبني فيه خير صانع للغد المشرق، عوضًا عن أن يعتاد على سياسة التلقين والحفظ الأعمى وتربيته على روتين مملّ أقلّ ما يقال عنه "محطّم للأجيال الصاعدة".
يدأب وزير التربية والتعليم العالي في الحكومة اللبنانيّة أكرم شهيب لإنجاز الامتحانات الرسميّة على أفضل نحوٍ، وتؤكّد الأرقام على أنّ العدد شبه النهائي للمرشحين قد بلغ ٦١ ألف مرشح للشّهادة المتوسطة و٤٠ ألف تلميذ بالنسبة إلى الشّهادة الثانوية، وسيوزعون على نحو ٤١٥ مركزًا.
كما تؤكّد الدائرة التربوية تعزيز رقابتها لمنع أيّة محاولة للغش متّخذةً بذلك أشدّ التدابير، ما بدا شبه واضحًا خاصّةً مع مباشرة وزارة التربية بتثبيت كاميرات لمراقبة صالات الامتحانات التي بلغت كلفتها ٨٠٠ ألف دولار أميركي.
هنا تجول في بال القارئ الأسئلة التالية: هل الدولة قادرة على تأمين التغذية الكهربائية من دون أيّ انقطاعٍ لضمان حسن عمل هذه الكاميرات؟
كم بإمكان هذه الكاميرات من كشف عمليات الغش بالوسائل المتطورة كعبر الساعات الذكية ( smart watch ) مثلًا؟
هل من فريقٍ متخصّصٍ كفوء ومدرّب لإدارة تشغيل هذه الكاميرات؟
ما من بوادر توافينا لا سلبًا ولا إيجابًا مجيبةً على أسئلتنا.
عديدةٌ هي القضايا التي قد تعرقل حسن سير الامتحانات، أهمّها النقص الفادح بعدد المفتشين التربويّين حيث أن أعدادهم لا تتخطى العشرين موزعين على أكثر من ١٧٠٠ مدرسة تجري فيها الامتحانات، ما يجعل مهمة التفتيش شبه مستحيلة.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ عددًا كبيرًا من المفتشين الناجحين لم يتم تعيينهم حتّى الآن بالرغم من أنّهم لكانوا ساهموا في مكافحة الفساد بكلفةٍ أقلّ بكثيرٍ من سائر الإجراءات التي اعتمدتها الوزارة.
يبقى الحكم النهائي خلال الامتحانات وما بعدها...
هل سيتفوق الوزير وطاقم عمله على الفرضيات والتوقعات المسبقة بشأن عدم القدرة على ضبط الأوضاع ومكافحة المخالفات بدءًا من تسريب الامتحانات حتّى المحسوبيات في المراكز التربوية؟
الجواب بعد أسابيع قليلة.