صباح يوم الجمعة 27 من كانون الأوّل، استيقظ اللبنانيون على خبر اغتيال محمد شطح السياسي اللبناني الذي شغل منصب وزير المالية وسفير الولايات المتحدة، بعد أن خطفته يد الإجرام بتفجير سيارة مفخخة هزّت وسط بيروت. أسفر هذا الانفجار عن مقتل 7 أشخاص من بينهم مرافقي محمد شطح، وإصابة 71 شخصاً آخرين.
لم يكن هذا الاغتيال جديدًا من نوعه على اللبنانيين، لا من ناحية الشخصية المستهدفة ولا من ناحية الاغتيال، إذ بدأ مسلسل الاغتيالات لشخصيّات بارزة من قوى 14 آذار منذ عام 2005 مع اغتيال رفيق الحريري مرورًا بجبران تويني وبيار الجميّل، وصولًا إلى محمد شطح؛ كما استهدف شخصيات أمنيّة أبرزها وسام الحسن ووسام عيد.
وجه الشّبه لكلّ هذه الشخصيات التي استُهدفت كان المواقف المتقدمة والداعمة لسيادة لبنان، بالكلمة والموقف السياسي في وجه الارهاب والسلاح غير الشرعي الذي يحتل لبنان ويسيطر على قراراته الاستراتيجية. وقبل اغتياله بحوالي ساعة واحدة، غرّد محمد شطح من حسابه على موقع تويتر: "حزب الله يهول ويضغط ليصل الى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة ١٥ عام: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية". هذا كان موقفه السياسي الأخير بعد سلسلة مواقف أطلقها ضد حزب الله وبشار الأسد.
بدمه، أكمل محمد شطح مسلسل اغتيالات قوى 14 آذار السياديّة التي تمتّعت بمواقفها المقاومة لمحور الممانعة في لبنان. والجدير بالذكر اغتيال شخصيات شيعية مضادة لمحور الممانعة كلقمان سليم وهاشم السلمان اللّذين كانا من الشخصيات الشيعية الرافضة لقوى الأمر الواقع. ولازالت العدالة مفقودة في هذه الجرائم تمامًا مثل الكثير من قضايا الاغتيالات التي استهدفت قوى 14 آذار ولم يعرف المرتكب. وإن عرف، فلن يخضع للمحاسبة كما يحصل اليوم مع سليم عيّاش المسؤول الأمني في حزب الله الذي أكّدت محكمة العدل الدولة تنفيذه لاغتيال رفيق الحريري.
على الرغم من سبب اغتيال شطح والآخرين، إلا أن موقفهم السياسي أو معطيات أمنيّة أو ماليّة تدين الإرهاب أو أسباب أخرى، فالسلاح غير الشرعي يتحمّل المسؤولية الأولى بالفلتان الأمني ومصادرة قرار مؤسسات الدولة ومنعها من فرض أمنها وعدالتها على الأراضي اللبنانيّة.
تجسّد مقاومة قوى الأمر الواقع والسلاح غير الشرعي بقوى 14 آذار التي دفعت الثمن غاليًا بخسارة أبرز شخصيّاتها، حتّى أنّها دفعت ثمن اجتياح في 7 أيار 2008 بعد تصعيد المواجهة واتّخاذ قرارات جريئة وسيطرة حزب الله على لبنان. ولا زلنا نشهد السيناريو نفسه اليوم عبر تهديد المحقق العدلي في قضية مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، وافتعال غزوة عين الرمانة وتعطيل الحكومة لمنع تحقيق العدالة التي ربّما تحمل خفايا تدين حزب الله وحلفائه. لكن هذه المرّة المواجهة ليست مع قوى 14 آذار، بل مع غالبية الشعب اللبناني الذي سئم من سيطرة حزب الله على لبنان، والذي أصبح على يقين أن الأزمة الاقتصادية والمعيشيّة اليوم سببها حزب الله وسياسته. هل يستمرّ حزب الله بترهيب السياديين وإخضاعهم أو سيكون ثمة رأي آخر للشعب اللبناني مع اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية؟