أين تذهب مخلّفات المستشفيات؟
صحة APR 26, 2020

بسبب الوضع الصّحّي العصيب الذي نمرّ به وتعذّر توزيع مجلّة آفاق الشّباب، إليكم تقرير "أين تذهب النّفايات الطّبّيّة؟" للرّفيق ريشار حرفوش، من العدد ٨٩ من مجلّة آفاق الشّباب.

 

يكثر في الآونة الأخيرة الحديث عن النّفايات الطبيّة ومدى خطورتها وكيفيّة التخلّص منها، خصوصًا مع ظهور فيروس الكورونا المستجدّ الذي يتفشّى بسرعةٍ فائقة. فباتت المستلزمات الطّبيّة المستخدمة اليوم والنّفايات النّاتجة منها، تشكّل خطرًا كبيرًا على المواطن اللّبنانيّ الذي يجب أن يكون بالمنأى عنها. قد تكون هذه النّفايات في غاية الخطورة في حال عدم معالجتها بطريقةٍ علميّة ومتطابقة مع الشّروط العالميّة، التي وضعتها منظمة الصحّة العالميّة. فما هي النّفايات الطّبيّة وأنواعها؟ ممّا تتألّف؟ وكيف يجب أن تُعالج؟

 

أنواع المخلّفات الطّبيّة:

أكّد الباحث والأستاذ الجامعيّ في علوم الحياة جوزيف مكرزل أنّ المخلّفات الطّبيّة تختلف عن البقايا المنزليّة وتُقسم إلى ثلاثة أنواع، وهي:

١- رواسب ومخلّفات الإلتهابات، وهي عبارة عن مجموعة باكتيريا وفيروسات مؤذية للإنسان،

٢- البقايا الجسميّة، مثل الأعضاء والأطراف البشريّة كالأذن أو الأنف أو اليد التي بُتِرت من جسم المريض بسبب التهابها،

٣- المخلّفات والرّواسب الكيميائيّة التي قد تكون نوويّة ومشعّة، وهي النوع الأسمّ من المخلّفات الطّبيّة.

 

ما هي الآليّة السّليمة للتّخلّص من مخلّفات المستشفيات؟

‎قال مكرزل في حديثٍ له إلى مجلّة "آفاق الشباب"، إنّ "هذه المخلّفات في مختلف أنواعها، تضرّ بالطّبيعة والإنسان بطريقةٍ غير مباشرة. لذلك تستدعي الحاجة وضع حلٍّ ميدانيّ مركزيّ في كلّ مستشفى لمعالجة هذه النّفايات، قبل أن تُرسل إلى المطامر والمكبّات. ولفت إلى أنّ عددًا من المستشفيات، كمستشفى الجامعة الأميركيّة و"أوتيل ديو"، لديها محارق متخصّصة بمعايير عالميّة طبيّة، يتمّ من خلالها حرق المخلّفات الطّبيّة المُفرزة مسبقًا. وأكّد مكرزل، إنّ المواد والمخلّفات النّاتجة من المحارق يمكن استخدامُها كأسمدة زراعيّة لاحقًا، مشدّدًا على "أهميّة دور وزارتَيْ الصّحة والبيئة والحكومات، في مراقبة هذه المحارق وفعاليّة فلاترها البيئيّة، ودرجة حرق المستلزمات الطبيّة التي تُتلف فيها، والتي يجب أن تفوق الـ٣٠٠٠° مئويّة.

 

ماذا عن رواسب الكورونا؟

أكّد مكرزل أنّ وباء الكورونا يضاعف خطر مخلّفات المستشفيات في حال لم تعالج من المصدر، كاشفًا إنّ "إدارات مختلف المستشفيات التي استقبلت حالات مصابة بوباء "كوفيد -١٩"، عمدت إلى تعقيم كلّ الأدوات والأجهزة قبل وبعد استخدامها وتلفها". أضاف مكرزل إنّ "الإثبات على أنّ التّعقيم مُمنهجٌ وصائبٌ في المستشفيات اللّبنانيّة، هو عدم تسجيل إصابة لأحد أفراد الطّواقم الطّبيّة بالكورونا". وختم الباحث العلمي قائلًا إنّ "ما من مهلةٍ زمنيّة مثبتة علميًّا عن مدى بقاء بعض الفيروسات الحديثة، ومنها "كوفيد -١٩"، حيّة على بعض الأسطح وداخل أنابيب الأوكسيجين المستخدمة والمُتلفة"، نافيًا بعض الدراسات التي تؤكّد قتل الفيروس على المستلزمات الطّبيّة بعد فترة الـ٧٢ ساعة، معتبرًا أنّه في حال كانت هذه الدّراسة مثبتة علميًّا وطبيًّا، لأُعيد تدوير واستخدام القفّازات والكمّامات وبعض المستلزمات الأخرى بعد هذه المهلة، عوضًا عن تلفها وحرقها وطمرها".

 

كرم لـ"آفاق الشّباب": يجب التّخلّص من المخلّفات بطريقة علميّة وأمينة

لفت من جهته رئيس مكتب البيئة في حزب القوّات اللّبنانيّة فريد كرم، إلى أنّ "القفّازات والكمّامات المستخدمة من قبل شخصٍ سليم تُرمى، ليس لأنّها باتت محمّلة بفيروس كورونا، إنّما لأنّها استُهلكت وباتت غير صالحة. أمّا إذا استخدمها مصابٌ بـ"كوفيد -١٩"، فيجب أن تُحرق أو تعقّم لقتل مفعول الفيروس قبل رميها، كما هو الحال في غالبيّة المستشفيات اللبنانيّة".

‎وأضاف كرم لمجلّة آفاق الشّباب "ينبغي على الطّاقم الطّبّي أن يغيّر مرارًا القفّازات خلال عمله في أيّ نقطةٍ موبوءة، ويجب التّخلّص منها بطريقةٍ أمينة وعلميّة"، مؤكّدًا إنّ القانون اللّبنانيّ فرّع النّفايات لأقسامٍ عدّة، أهمّها الخطيرة غير المعدية كالبطّاريّات والنّفايات الصّناعية التي لا تُعالج، والنّفايات الخطيرة المعدية كالفيروسات والبكتيريا والرّواسب النّاتجة من تلف بعض المواد والأعضاء والمستلزمات من المستشفيات.

 

الطرق الأسلم للتّخلّص من المخلّفات الطّبّيّة

أكّد كرم أنّ كلّ طرق معالجة مخلّفات المستشفيات، تعتمد بطريقةٍ غير مباشرة على الحرارة لقتل الفيروسات، وعلميًّا، يجب أن تُعالج النّفايات المعدية برشّ بخار المعقّمات والمياه داخل أفرانٍ كبيرة متخصّصة. وتمنّى أن تُحفظ بعض النّفايات داخل المستشفيات قُبَيْل إرسالها إلى الجمعيّات المتخصّصة بالمعالجة، على أن يتمّ إتّباع البروتوكول الخاصّ بمنظّمة الصّحّة العالميّة. وأضاف إنّ "النّفايات الطّبّيّة تُعالج من خلال طريقة التّعقيم بالبخار (steam sterilization) كما تقوم به جمعيّة "Arcenciel"، حيث تُجْمع النّفايات وتُرسل في آليّاتٍ خاصّة إلى مركز الجمعيّة. وهكذا تتمّ عمليّة معالجة المستلزمات الطّبّيّة المُخلّفة من الرّواسب بالمياه والمعقّمات المتبخّرة". ‎وأشار إلى أنّ طرق معالجة أنواع النّفايات هذه محصورةٌ بثلاث:

١- التّعقيم بالبخار الذي يُعتبر الطّريقة الأفضل،

٢- المحارق المتخصّصة كتلك المتوفّرة في بعض مستشفيات العاصمة بيروت،

٣- تكنولوجيا الموجات الصِّغرية (microwave technology) التي تعتمد على مؤشّر الحرارة لتلف النّفايات.

وأردف "عمليًّا، تُخلّص معالجة النّفايات السامّة بهذه الطرق الإنسان من الكثير من الأمراض المعدية كالكورونا وغيرها. وكوننا في ظرفٍ صحّيٍّ استثنائيّ في العالم، ينبغي علينا تشديد المراقبة على كلّ المستشفيات، الكبيرة منها والصغيرة"، مشدّدًا على أنّ وزارة البيئة هي المسؤولة عن مراقبة عمليّة معالجة النّفايات الطّبّيّة وطمرها، وذلك من خلال إشرافٍ طبّيٍّ غير مباشر من وزارة الصّحّة. وقال إنّ "إبقاء بعض المستلزمات الطّبّيّة المستخدمة من قبل مرضى الكورونا لفترةٍ زمنيّة قبل معالجتها ورميها، يساعد حتمًا على تقليص فرضيّة انتقال العدوى من خلالها. وتجدر الإشارة إلى أن لا مطامر متخصّصة لطمر النّفايات الطّبّيّة المعالَجة، إذ تُطْمر مع النّفايات المنزليّة الخامة. من هنا تبلغ أهميّة الإشراف ذروتها، لأنّ سلامة المواطن تبقى الأهمّ".

صحة APR 26, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد