كيف تشكلت لجنة Ground-0؟
أكدت وزيرة التنمية الإدارية السابقة د.مي شدياق أنّ "بُعيد انفجار بيروت الكبير، استهلّت مجموعة من المتطوّعين ورش عمل واسعة النطاق لمساعدة المنكوبين والفرق العاملة في شتى الأعمال". وأضافت أن "بعد أيام عديدة، قررت مجموعة من الفئات والأعمار والاختصاصات كافة، تشكيل لجنة "إغاثة بيروت" لمساعدة المتضررين والمحتاجين بالتنسيق مع منظمات غير حكومية لبنانية وغير لبنانية. سُميت هذه اللجنة بـ"Ground-0"، لدلالة على المنطقة الأكثر تضرّرًا. فاستُعمل هذا المصطلح في هيروشيما وناغاساكي من قبل، والآن في بيروت حيث أنّ انفجار الرابع من آب لا يقلّ شأنًا أو ضررًا عن تلك الانفجارات".
بدأت "Ground-0" بإزالة الردم وإغاثة المتضررين عبر تأمين بيوت وغرف لإيوائهم، وتزويدهم بالحاجات الطبية والنفسية بالتنسيق مع جمعية الأرز الطبية، وتوفير مواد غذائية لهم.
بيوت بيروت محطمة، فهل تحطم أمل إعادة الإعمار؟
تابعت شدياق في حديث لها إلى مجلة آفاق الشباب، أنّ "بعد مرور ايام عدة، انتهت مرحلة الإغاثة والانقاذ وبدأت حملة ترميم المنازل. من هنا بدأت "Ground-0" العمل على مسح الأضرار التي تكبّدتها المنازل، ليُصار إلى إطلاق حملة تبرع الكتروني عبر موقع "donatetolebanon.org". وهدفت هذه الحملة إلى حصد أكبر عدد ممكن من التبرعات لمساعدة الناس في إعادة ترميم أملاكهم المتضررة".
أبعد من الترميم...
شددت شدياق على أنّ "مهام مبادرة "Ground-0" لا تقتصر على إعادة الإعمار فحسب، بل تسعى إلى تزويد المتضررين المحتاجين بحصص غذائية. وقد شملت المساعدات حتى اليوم ما لا يقلّ عن ١٠٠٠ عائلة. وأردفت قائلة إنّ "إحدى الخطوات الفريدة التي اعتمدتها "Ground-0" هي تجهيز مطبخ لتحضير الطبق اليومي. في بادئ الأمر، قُدّم الطبق اليومي بالتعاون مع مبادرتَيْ "ساعد تسعد" و"أشرفية ٢٠٢٠". ومن هنا تواصلنا مع مديرة معهد التعليم المهني والتقني هنادي برّي لتقديم مطبخ الهندسة الفندقية في المدرسة الفندقية في منطقة الدكوانة وتسخيره لهذا الغرض. ولايزال حتى اليوم يعمل على تأمين ٤٠٠ حصة يوميًّا تقريبًا".
وأضافت شدياق أن "ورش عمل "Ground-0" لا تنحصر بذلك فحسب، بل تعمل الآن على حملة تبنّي طالب تعنى بتأمين الأقساط والمستلزمات المدرسية والجامعية، وذلك حرصًا على عدم انقطاع أطفال وشباب المناطق المنكوبة عن دراستهم".
كيف تُعاين البيوت المتضرّرة؟
أكّدت شدياق أنّ "فرق هندسية متخصصة تهمّ بمعاينة البيوت وتقييمها، من الترميم الخارجي إلى إعادة التأهيل من الداخل، وذلك بالتعاون مع جمعية "Steps of Hope". ورُمّم حتّى الآن أكثر من 200 منزل وأُعيد تصليحه من الخارج من ناحية الزجاج والخشب والألومنيوم، فضلًا عن 265 منزلًا من الداخل من ناحية البلاط والفرش والأبواب..."
وتسعى "Ground-0" لإعادة نأهيل وترميم نحو 600 منزل بين الداخل والخارج.
من هم المستفيدون؟
صرّحت شدياق أنّ "من اليوم الأوّل كان الأهالي المتضرّرين من الانفجار هم المستفيدين من "Ground-0"، بالإضافة إلى جميع سكان المناطق المنكوبة الذين لحقت بهم الأضرار". وتابعت: "لقد شملت هذه الحملة عائلات كما أفرادًا وطلّابًا ومحتاجين من الفئات والأعمار كافة. ولا تشمل المساعدات سوى من سجّل إسمه في سجلّات "Ground-0" في الكرنتينا والأشرفية ومار ميخائيل".
من يتبرع وما هي أنواع التبرعات المقدمة؟
أصرّت شدياق على أنّ "من اليوم الأول لم تعتمد "Ground-0" على ممول معين، بل تبرّع الكثير من المجهولين عبر الموقع الإلكتروني من داخل لبنان وخارجه. أمّا من الخارج، فقد حُصدت التبرعات وأُعطيت لـ"Ground-0" عبر جمعيات مثل "Steps of Hope" في أستراليا و"Children of Mary" في الولايات المتحدة الأميركية، كما قدّم رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور ومتبرّعون آخرون مساعدات عديدة".
وفي السياق ذاته، تابعت شدياق أن "التبرعات لا تقتصر على أمر محدّد، بل تتنوّع بين العينية منها والمادية والغذائية، بالإضافة إلى أغراض منزلية وفرش للبيوت وغيرها الكثير، من دون تحديد أيّ مقياس أو حجم للتبرعات".
مشاركة الطلاب:
أكدت شدياق أنّ "لمشاركة الطلاب دور أساسي في إنجاح العمل. إذ من اليوم الأوّل همّ الطلاب بسواعدهم المفتولة، بكل نشاط ونخوة للوقوف إلى جانب المتضرّرين. فتطوّع ٢٠٠ طالب تقريبًا للمساعدة في توزيع الحصص الغذائية وإزالة الحطام من المنازل، فضلًا عن استقبال طلبات الأهالي. أمّا طلاب الهندسة، فعملوا مع فرق الهندسة في تقييم الأمور التقنية ومعالجة أزمة الأملاك والترميم، من دون نسيان الدور الأساسي الذي لعبوه في توقيع عريضة للمطالبة بتحقيق دولي. وعلى الرغم من أنّ العام الجامعي لغالبيتهم بدأ، إلّا أنّنا ما زلنا نرى البعض على الأرض، فهم عصب المجتمع ويزيدون نكهة الحياة على هذه المؤسسة".
"Ground-0" والدولة:
في سؤال عمّا إذا كان هدف "Ground-0" أن تحلّ مكان الدولة والقيام بمهامها، أجابت شدياق أنّ "المؤسسة لم تُخلق لتحل مكان الدولة، بل أُنشئت بسبب تقاعس الدولة عن القيام بمهامها تجاه المواطنين ومساعدة الأهالي على تخطي هذه الأوقات العصيبة". وأضافت: "لم تختبئ أيّ غاية سياسية خلف "Ground-0"، بل غايتها كانت إنسانية من دون التمييز بين الانتماءات والعرق والجنسية. لذلك سُميت بـ"لجنة إغاثة بيروت"، وعندما تنتهي من إعادة إعمار بيروت تنتهي مهمة "Ground-0"".
"Ground-0" والتحقيق المحلي:
أصرّت شدياق على ان تدخل التحقيق الدولي في قضية انفجار المرفأ، وذلك بناءً على مطالب الأهالي، مؤكدةً أنّ "الناس لم يعد يثقون بالتحقيق المحلي، وخاصة أنّ لليوم، وبعد أكثر من شهرين لم يتحرك القضاء المحلي بعد ولم يصدر تحقيقًا رسميًّا شفافًا، ما دفع بـ"Ground-0" إلى زيارة المتضررين ليوقعوا على عريضة تخطت الـ١٠٠٠٠ توقيع في أسبوعين، وذلك للمطالبة بتحقيق دولي. وقد أرسلت هذه العريضة إلى لجنة تقصّي الحقائق الدولية لمباشرة التحقيق فيها، وسُلّمت إلى المساعد الخاص للأمم المتحدة الذي بدوره سلّمها إلى الأمين العام للأمم المتّحدة ووعد بمتابعة هذه القضية".
وفي ختام المقابلة، قالت شدياق إنّها ابنة الأشرفية والجمّيزة، وإن بيروت لها مكانة خاصة في قلبها، ما دفعها إلى مساعدة أهلها ورفاقها في المناطق المنكوبة، مؤكّدةً أنّها دائمًا إلى جانب أهلها لا سيّما في الأوقات الصعبة.