لم يكن مستغرباً ما قام به وزراء القوات اللبنانية ونوابها من خطوات غير مسبوقة في وزاراتهم ولجانهم، منذ استلامهم السلطة حتى اليوم. فرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كان قد أعلنها حرباً مفتوحة على كل ما هو فاسد، في مناسبات عدة كان أبرزها المحطة السنوية في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية الأخير، كما وجدّد تصميمه على إصلاح الفساد الإداري في الدولة اللبنانية في اللقاء السنوي في يوم الطالب الأخير.
ومن تابع تفاصيل البرنامج الرئاسي المطروح منذ أكثر من ثلاث سنوات، يرى أن للقوات اللبنانية بنية شاملة ودراسة دقيقة تدخل في أدق وأحلك بؤر الفساد في لبنان وكيفية معالجة الشلل القائم على كافة الأصعدة.
لربّما ظنّها البعض مزايدات وشعارات فارغة لحملات انتخابية اعتادها اللبنانيون وبئسوا منها. فما كان من القوات إلّا أن فتحت الحرب المعلنة، ليبدأ معها نهجاً جديداً في المؤسسات العامة لم يعتده اللبنانيون من قبل.
كانت واضحة جدية الطروحات القواتية ونواياها وتصميمها على المضي في العمل إلى أبعد حدود، فشنّت عليها الحملات الإعلامية والمعنوية حتى قبل استلامها الحقبات الوزارية، فمّنعت عنها وزارات الفساد الدسم كالماليّة والطاقة، ولا سمح الله الوزارات السياديّة كالداخليّة والدفاع.
لم يتردّد وزراء القوات عن المضي بتصميمهم حسب الخطة المعلنة قواتياً للإصلاح، فما كاد اللبنانيون يستوعبون خطوة، حتى يتفاجئون بخطوة أكبر تنال ذهولهم. ولعلّ الأسبوع السابق كان خير دليل ونموذجاً لعملها، اللذي بلغ ذروة الجرأة، فكان أسبوعاً حافلاً بالقرارات الإصلاحيّة قادها كلّ من الوزراء غسان الحاصباني، ملحم رياشي، بيار بو عاصي، كما والنائب جورج عدوان.
أوقف وزير الشؤون الإجتماعيّة بيار ابو عاصي برنامجاً كان قد أُنشأ في بدايات العام 2016 بغية رصد التحرّكات السكانيّة وإحصاء اللجوء السوري في لبنان من خلال الإحصائات التي لم تتمّ بالإنتاجيّة المطلوبة وقد انتهت مدّة المشروع أساساً والتي كانت مقرّرة في نهاية العام 2017، فبات باطلاً ووجب إنهاؤه.
أمّا نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة غسان الحاصباني، فقدّم الملاحظات القواتيّة على دفتر الشروط الخاص بالمرحلة الأولى لتنفيذ خطة الكهرباء، وذلك بهدف تخفيض الكلفة على المواطن والخزينة كما وسرعة التنفيذ، لتوفير أدنى واجبات الدولة تجاه المواطن اليائس ووقف العجز الكامن.
كما وأبلغ وزير الإعلام ملحم رياشي عشرات العاملين في الوزارة بوقف عقودهم بسبب تلقّي بعضهم رواتب غير مبرّرة ودون عمل مقابل، فكأنّ توظيفهم جاء بهدف تنفيعهم كناخبين.
على خط آخر، عمل النائب جورج عدوان على إنجاز جديد تحقّق في السوق الحرّة لمطار رفيق الحريري الدولي بدعواه المقدّمة قانونياً لإجراء مناقصة علنيّة استناداً لدفتر شروط خاص ودقيق لتحقيق بضعة مداخيل فعليّة للخزينة، عبر المناقصات العادلة وفرض الضرائب لتحقيق الربح من المصدر الأصحّ، وليس من جيب المواطن.
أثبتت القوات اللبنانيّة أنها قادرة فاعلة على بناء الوطن الحلم، حلم الأقدمين، حلم البشير، وحلم الجيل اللبناني الصاعد، الباحث عمّا يبقيه في وطنه، ويعفيه من لجوئه لتأشيرات العمل في الخارج. وإن كان العهد الجديد محور السياسة اللبنانيّة محلّياً ودولياً، وهدفاً بعين المتربّصين بالدولة وهيبتها، فإن القوات اللبنانية في صلب هذا العهد، وعاموده الأساسي، ودرعه وسيفه، فلا خوف عليك يا لبنان !