بعد إعلان إستقالته من منصبه كرئيس حكومةٍ للجمهورية اللبنانية، وبعد تضارب المواقف الوطنية والعربية والعالمية بهذا الشأن، وكثرت اﻷخبار والشائعات والتمنيات، وحالة اﻹرتباك التي شهدها لبنان شعباً وقيادةً جرّاء هذه اﻹستقالة، ها هو الرئيس سعد الحريري يطلّ ويفسّر إستقالته من ناحية المضمون والزمان والمكان.
عاد الرئيس الحريري ليظهر وللمرة اﻷولى بعد إستقالته راسماً مع هذه اﻹطلالة الخارطة التي يريد السير بها في المرحلة المقبلة، مؤكداً بأن عودته إلى لبنان باتت قريبة ولا شيء يمنعها سوى وضعه اﻷمني، ومتى يصبح هذا الوضع صالحاً للعودة سيعود الحريري إلى بيروت ليكون رأس حربة في تسوية المستقبل، وليقدم إستقالته رسميا أمام رئيس الجمهورية تحضيرا للبدء بإعداد تسوية جديدة تعيد البلاد إلى الصواب واﻹستقرار الّا في حال قبول حزب الله وأطراف التسوية العودة الى منطق الحياد.
يرى الرئيس الحريري بأن التسوية الرئاسية التي أطلق بها العهد قد تعرضت لإنتهكات عديدة وعلى رأسها تدخل فريق لبناني في صراعات المنطقة دون أي ضوابط من الدولة اللبنانية ودون الرجوع إلى مبدأ النأي بالنفس والحياد لتحييد لبنان عن أزمات المنطقة.
من هذا المنطلق، يتجه الرئيس سعد الحريري للعودة إلى حوار جاد ومثمر مع كافة أفرقاء التسوية لوضع حد للشواز الذي يقوم به فريق "حزب الله" مما يؤدي إلى غياب قرار الدولة التي كادت أن تقلع لو أن "حزب الله" إلتزم بشروط النأي بالنفس وتجنيب لبنان حروب ومشاكل المنطقة.
هل النأي بالنفس مستحيل؟ وهل هو قرار لبناني أو خارجي على بعض الأفرقاء؟ إنها أسئلة وأجوبتها ستكون واضحة بعد وضوح النوايا.
سيعمل الحريري بعد عودته للوصول إلى تطبيق مبدأ "النأي بالنفس" مستثمراً علاقة رئيس الجمهورية بحزب الله، فالرئيس عون المؤتمن على الدستور من جهة والمؤتمن على نجاح العهد من جهةٍ ثانية، لا يناسبه إستمرار هذه اﻷزمة ويسعى جاهداً ﻹيجاد حل نهائي. في حال نجح عون بايجاد هذا الحلّ، ستكون الدولة اللبنانية هي الفائزة الوحيدة بتجنبيها مشاكل المنطقة والجوار... فهل سيفعلها بيّ الكل ويقوم بإرضاء "الكل" وخاصة بإرضاء لبنان وشعبه؟!