لأن قضيتي لا تُشبه قضيتكم...
الموقف JUL 31, 2017

لطالما رفضنا أن تكون الدولة اللبنانية أسيرة إحتلال مقنّع وتحت الوصاية من جديد، لطالما آمنّا بشرعيّة الدولة اللبنانيّة من دون سواها، ولكن يبدو أن الأمر أصبح مختلفاً اليوم...


في اليوم السادس من معركة تطهير الحدود اللبنانية-السورية وجرود عرسال رُفعت الرايات البيضاء... رايات، رَفعها عناصر "جبهة النصرة" (فتح الشام) للدلالة على إستسلامِهم أمام "حزب الله" والجيش السوري. رايات "النصرة" قابلها أعلام "العلم اللبناني" و"المقاومة الإسلامية" على عدد من المواقع والتلال للدلالة على انتصارِ الحزب وسيطرته على معاقل المسلحين "الإرهابيين".


نعم، "حزب الله" و"الجيش السوري" انتصرا - إذا صحّ القول- انتصرا عند الحدود اللبنانيّة-السوريّة وهُزما في الداخل اللبنانيّ، إذ رفع هذه الرايات والأعلام على الجبهات طرح تساؤلات عدّة، أبرزها: "في جرود عرسال... مقاومة أو مساومة؟".


أربعة أيّام مرّت على وقف إطلاق النار في الجرود، وأحد عشر يوما مرّ على بدء المعركة التي استمرت لنحو ستة أيّام... معركة ميدانيّة عسكريّة قاده حزب مسلّح " انتحل صفة "الدولة" وحارب ببندقيات وأسلحة وقذائف أفراده الإيرانيّة باعتبارها معركة لبنانيّة - لبنانيّة.


ولكن... هذه البندقيّة التي احتمى خلفها عناصر "الحزب"، البندقيّة الإيرانيّة الصنع، هي نفسها التي اغتالت قادة 14 آذار وهي نفسها التي اقتحمت العاصمة... هذه البندقيّة نفسها التي أتت باللاجئين السوريين إلى لبنان -مع احترامي إلى البعض منهم، فأنا لبنانيّة وأغارُ على بلدي وأهلي-، وأتت بالإرهاب الى الحدود، وشرّعت له الأبواب....


يحقُّ لنا أن نسأل ونتساءل عن خلفيات هذه المعركة وتداعياتها المستقبليّة على الداخل اللبنانيّ، خصوصاً وان الإدارة الأميركية في صدد الإعلان عن عقوبات جديدة على الحزب –باعتباره منظمة إرهابية-، ومن سيتهمنا بـ"اللاوطنيّة"، أكرر له ما قاله الدكتور سمير جعجع في 27 تموز 2017:
"ماذا ينفع لبنان لو ربح الخلاص من جَيبٍ للمسلحين في أقاصي أقاصي الجرود على الحدود بين لبنان وسوريا وخسر مفهوم الدولة... وخسر نفسَه؟".


صورة الإنتصار جميلة، والأجمل مشهد هزيمة الأخصام... ولكن، متى تعمّقنا في تفاصيل ما حصل في الجرود، تنجلي أمامنا صورة معاكسة، صورة دولة "لن تقوم" و"لن تستقيم" من دون أن يحطّ رحالها على كامل الأراضي اللبنانيّة ومن دون أن تفرض سيادتها "الشرعيّة" الوحيدة...


اليوم، فيما الأنظار تتجه نحو معركة "رأس بعلبك" و"القاع"، حيثُ باتَ الجيش اللبناني في أهبة الإستعداد لبدء عملياته ضد "داعش، اعتُبرت معركة "حزب الله" في الجرود، الذي لطالما أكد ولاءه لولاية الفقيه بالفمِ الملآن في خطاباته كافة، اعتبرت استكمالاً لمعاركه في سوريا، وجزءاً من قضيته...


أخيراً وليس آخراً، أنا كواطنة لبنانيّة أولاً، ومسيحيّة ثانياً، لن تُغريني إنتصارات "حزب الله" عند الحدود وفي الجرود، لن أبدّل في موقفي وأعلن عن تأييدي لما يقوم به عناصره في الميدان إيماناً منهم بأن تضحياتهم هذه هي في سبيل وطني، لن أنحني لبندقيّة حاولت "القضاء" على لبنان وقادته...لأن "قضيّتي لا تُشبه قضيتهم" شاء من شاء وأبى من أبى.

الموقف JUL 31, 2017
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد