حين طرح السؤال على رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عشية المصالحة المسيحية وترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، اذا تم الاتفاق على السير به من قبل التيار بعد انتهاء عهد عون، كان جوابه ان احداً لا يستطيع ضمان اتفاق بعد ست سنوات ومن الأفضل التركيز على ايجابيات هذه المصالحة بالوقت الحالي.
صحيح ان العلاقة بين "القوات" و"التيار" في حالة من البرودة وتشهد بعض العراقيل، لكن تقييم هذه العلاقة في مرحلة واحد فقط غير موضوعي وغير منصف بحق المصالحة المسيحية. فقبل ان نعدد النتائج الايجابية لهذه المصالحة علينا التفكير ملياً بالسؤال التالي: أي وضع كنا سنصل اليه من دون هذه المصالحة؟
لا يمكن التغاضي عن هدف "حزب الله" الاساسي وهو شل الدولة اللبنانية والفراغ الكامل ليتمكن من الوصول الى مؤتمر تأسيسي ينسف به الميثاق الوطني والتوازنات القائم عليها النظام اللبناني. فجاء انتخاب عون ليعرقل مشروع حزب الله القائم دائماً. ثم ان قانون انتخابي جديد يحسن التمثيل المسيحي ما كان ليبصر النور لولا هذا التوافق العوني القواتي، شاء من شاء وأبى من أبى.
بعد هذه المكتسبات الاستراتيجية، يبقى التنافس على النقاط الأقل شأناً حقاً مشروعاً بين جميع الأحزاب ومن ضمنهم "القوات" و"التيار". فالقانون الحالي يسمح للطرفين عدم التحالف في الانتخابات النيابية المقبلة كون النتيجة ستكون متقاربة في حال تم هذا التحالف او لم يتم. واذا وجد بعض المتضررين من هذا الاتفاق في صفوف الطرفين فهذا لا يعني يجب رجم الاتفاق بحد ذاته.
بالعودة الى جواب "الحكيم" في المقدمة، نستنتج ان المناصب (على جميع الأصعدة) لم تدخل ضمن اتفاق "القوات" و"التيار". فثمار كثيرة قطفت، وثمار أخرى ستقطف لو مهما كثرت العراقيل بوجه هذه المصالحة.
يبقى علينا ان نتذكر وضع المنطقة والتبدلات السريعة والجوهرية الحاصلة. العديد من المجموعات تعالت على خلافاتها الداخلية لتتمكن من الاستفادة من الفرص المتاحة امامها. فلنأخذ العبر من غيرنا ونبقي على حد ادنى من التفاهم يمكننا من الصمود في وجه الأخطار والاسفادة من الفرص التي قد تمنحنا اياها التغيرات الاقليمية.