للثّورة حرّاس...
ثورة 17 تشرين APR 01, 2020

حضرة القرّاء الكرام، بسبب الوضع الصّحّي العصيب الذي نمرّ به وتعذّر توزيع مجلّة آفاق الشّباب، إليكم تقرير "للثّورة حرّاس" للرّفيق مالك طوق، من العدد ٨٨ من مجلّة آفاق الشّباب.

 

لحظات من تاريخ لبنان لا تنسى. ومن منّا ينسى كيف تكلّل لبنان باللّون الأحمر في ١٧ تشرين؟ علمٌ واحدٌ يرفرف في كلّ السّاحات، وأيادي تشابكت، وحناجرُ توحّدت لتصرخ بكلّ ما أوتيت من قوّة: "ثورة، ثورة ،ثورة".

 

لم يفهم أحدٌ ماذا يحدث. هل هو انقلابٌ شعبيّ؟ أم إنتفاضة؟ أم حراك؟ أم مظاهرة عابرة؟ أمّا الحقيقة، فهي أنّ شوارع سويسرا الشّرق لم تعد تحتمل أن تعيش في بلدٍ، أدنى حقوق دول العالم الثالث لم تعد متوفّرة فيه. فكانت أواخر ليالي تشرين تحمل ثورةً اجتماعيّةً ومعيشيّةً واقتصاديّة، حيث ترك اللّبنانيون طوائفهم وأحزابهم وعائلات الإقطاع، ليُسقطوا من يحكمهم من "الزّعران".

 

ثورة ١٧ تشرين لم تولد من عدم، ولم تُخلق شعاراتها فجأةً. بل كان هناك حرّاس قطعوا عهدًا على أنفسهم، أن يكونوا خشبة الخلاص لبلدٍ أصبح "مزرعة". فكان هؤلاء الحرّاس ثورةً قبل الثّورة. ١٥ ثائرٍ في مجلسٍ نيابيّ، و٤ ثوار على طاولة الحكومة، يحملون إسم "القوّات اللّبنانية"، قد رسموا طريق الثّورة في عملهم وأدائهم وبنظرتهم للبنان. كانوا يلقَّبون بالمشاغبين أو بالمعارضين دائمًا. انتفضوا على كلّ ملفٍّ يحمل شبهة فسادٍ داخل الحكومة، وعارضوا بشراسةٍ كلّ بندٍ مشبوه، محاولين قدر المستطاع توجيه البوصلة.

 

كنّا أوّل من دعى لِحكومة تكنوقراط عام ٢٠١١، عندما قال سمير جعجع: "إذا كنّا نريد أن نفكّر بالمواطن اللبنانيّ، وإذا أردنا أن نفكّر بمستقبلنا، الحلّ الوحيد في المدى المنظور، هو تشكيل حكومة تكنوقراط". وفي ٢ أيلول ٢٠١٩، وقُبَيْل اندلاع الثّورة بأسابيعٍ قليلة، دعا سمير جعجع في الإجتماع الإقتصاديّ الذي أقيم في بعبدا، بحضور رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النّواب، إلى اتّخاذ قرارٍ موحّدٍ وجريء، وهو خروج كلّ الأطراف من السّلطة، وتسليم الدّفّة إلى حكومة إختصاصيّين مستقلّين يكون عنوانها "إنقاذ لبنان من الإنهيار".

 

ولأنّنا لسنا من جماعة "ما خلّونا نشتغل"، ولسنا أيضًا من الأحزاب التي تحارب الفساد بخطاباتٍ رنّانة، أكمل النائب الدكتور أنطوان حبشي انتفاضة الشّعب على السّرقة، عبر مؤتمره الصّحفيّ الذي كشف فيه بالوثائق، ملفّات الهدر في وزارتي الإتّصالات والطاقة. بالأدلّة، "لحقنا الكذّاب على باب الدّار"، ليكون الرفيق حبشي أمثولةً لكلّ من يريد محاربة الفساد بجدّيّة.

 

رفاقي الثّوار، لا يُقنعنّكم أحدًا أنّ الثورة تنطفئ! لكن للثّورة أوجه مختلفة. فبعد أن لعب الشّارع دوره، يجب أن تنشأ ثورةً في العمل البرلمانيّ، وأخرى في العمل الحكوميّ. أعطيتم درسًا في ١٧ تشرين لكلّ من في السّلطة، أنّكم شعبٌ يراقب ويحاسب. واليوم سنقول لهم جملةً واحدة: ثوروا يا أهل السّلطة، قبل أن نثور عليكم وعلى سلطتكم!

ثورة 17 تشرين APR 01, 2020
إستطلاع
مجلة آفاق الشباب
عدد استثنائي
إقرأ المزيد